ويأتي النهي كذلك ليفيد معنى التمني: كما في قول الشاعر:
يا ليل طُل يا نوم زل ... يا صبح قف لا تطلع
وهو يتمنى أن يمتد الليل ويطول وألا يطلع النهار؛ وذلك حتى يطول اجتماعه بحبيبته والتحدث إليها.
ويأتي كذلك ليفيد التحقير والإهانة: كما في قوله تعالى: {قَالَ اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ} (المؤمنون: 108). فالأمر والنهي في الآية الكريمة يحملان معنى الإهانة والتحقير لهؤلاء الذين غَلبت عليهم شقوتهم في الدنيا، وكانوا قومًا ضالين، ثم جاءوا يوم القيامة يتمنون الخروج من جهنم: {رَبَّنَا أَخْرِجْنَا مِنْهَا فَإِنْ عُدْنَا فَإِنَّا ظَالِمُونَ} (المؤمنون: 107) وكانت تلك الإهانة: {اخْسَئُوا فِيهَا وَلَا تُكَلِّمُونِ}.
وليفيد أيضًا التوبيخ: كما في قول أبي الأسود الدؤولي:
لا تنه عن خلق وتأتي مثله ... عار عليك إذا فعلت عظيم
فالمراد بأسلوب النهي لا تنه، توبيخ من ينهى الناس عن الشر والسوء ولا ينتهي هو عنه.
ومنه: قول الآخر:
لا تحسب المجد تمرًا أنت آكله ... لن تبلغ المجد حتى تلعق الصبرا
ويأتي النهي كذلك لتحقيق معنى التهديد: كما في قول الله تعالى: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ * لَا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ} (التوبة:65، 66) فليس المراد نهيهم عن الاعتذار والتوبة، وإنما المراد التهديد والتحذير حتى يقلعوا عن غيهم وعنادهم، ويسلكوا مسلك الحق والهدى.