بسم الله الرحمن الرحيم
الدرس الأول
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه، وبعد:
فهذا العلم الجديد القدر، العظيم الشأن، الذي هو بالنظر إلى سائر العلوم العربية من الأهمية بمكان، وقد زاد من أهميته أن عليه المعوّل الأكبر في تدبر معاني ومعالم ما جاء به الوحي المبين، وأن عليه المعول الأكبر أيضًا في تذوق وفهم ما خلفه أجدادنا من كنوز التراث.
ومن المهم أن تكون بداية لقائي بكم عن معرفة فوائد علم البلاغة، وبيان وجه الحاجة إلى دراستها، ثم التثنية بعد بما اعتاده علماء البلاغة قبل الخوض في دراسة مباحث علم المعاني، من حديث عن الفصاحة، وعلاقتها بالبلاغة.
إن علم البلاغة معدود من جملة العلوم الإسلامية كما أنه معدود في جميع علوم الأدب وتحتل البلاغة بين هذه العلوم مكانة سامية ومنزلة رفيعة، وموضع علم البلاغة من العلوم العربية موضع الرأس من الإنسان أو اليتيمة من قلائد العقيان، فهي مستودع سرها، ومظهر جلالها، فلا فضيلة لكلام على كلام إلا بما يحويه من لطائفها، ويودع فيه من مزاياها وخصائصها، ولا تبريز لمتكلم على آخر إلا بما يحوقه من وشيها، ويلفظه من درها، وينفثه من سحرها، ويجنيه من يانع ثمرها.