وفضل هذا التركيب، أي: البناء للمجهول: ليُبكَ يزيد ضارع، على البناء للمعلوم ليَبك يزيد ضارع، من عدة أوجه، هي:
أولًا: تكرار الإسناد، حيث أسند البكاء إلى الفاعل مرتين إجمالًا، وذلك عند البناء للمجهول، ثم تفصيلًا، وذلك عند ذكر الفاعل ضالع فاعلًا للبكاء المقدر، وتكرار الإسناد أبلغ في مقام الرثاء وآكد.
ثانيًا: بيان وإيضاح بعد الإبهام، والإيضاح بعد الإبهام يكون أوقع في النفس، وأوقع أثرًا.
ثالثًا: وقوع يزيد فيه نائب فاعل، فيكون ركنًا أُسند فيه الفعل المبني للمجهول، وكونه ركنًا أولى من جعله فضلة للتركيب الآخر؛ إذ مدار الحديث إنما هو عنه، وعلى الرغم من هذا، فإن التركيب الآخر لا يخلو من مزية، وهي: تقديم المفعول يزيد، فقد جعل النفس تشتاق إلى معرفة الفاعل ضارع، وتتطلع إليه، فعند مجيئه يقع في النفس موقعًا حسنًا.
ومن وقوع الكلام جوابًا عن سؤال المقدر: قول الله تعالى: {يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ} (النور: 36، 37)، وقوله -عز وجل-: " كَذَلِكَ يُوحَى إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ اللَّهُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" (الشورى: 3) وذلك في قراءة مَن قرأ ببناء الفعل للمجهول في الآيتين.
ومنه قوله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ} (الأنعام: 100). وذلك على جعل: {لِلَّهِ} شركاء مفعولين للفعل جعل، والجن: مفعول به لفعل محذوف، دل عليه سؤال مقدر، والمعنى: مَن جعلوا لله شركاء؟ فيجاب الجن.