تنكير المحكوم عليه المتمثل في المسند إليه، ك قول الله تعالى: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (البقرة: 7) فقد نكر المسند إليه؛ لأن المقصود نوع من الأغطية غير ما يتعارفه الناس؛ وهو غطاء التعامي عن آيات الله؛ أي: الإعراض عنها، ولو عرف المسند إليه فقيل: {وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ غِشَاوَةٌ} (البقرة: 7) ل انصرف اللفظ إلى المعنى المتعارف الذي هو الغطاء المعروف مع أنه ليس مرادًا، وليس القصد إلى فرد واحد من أفراد الغشاوة ب أن يكون المعنى وعلى أبصارهم غشاوة واحدة لا غشاوتان مثلًا؛ لأن الفرد الواحد منها لا يمكن أن يقوم بالأبصار المتعددة، فيتعين إذن أن يكون التنكير هنا للنوعية؛ لأنه هو الذي يقابل أبصارهم المتعددة.
ويرى بعض البلاغيين أن التنكير في الآية للتعظيم، وأن المراد غشاوة عظيمة؛ لأنها تحجب أبصارهم حجبًا تامًّا، وتحول دون إدراكها الأدلة على معرفة الله تعالى.
وإذا كان ت النكات البلاغية لا تتزاحم -كما قلنا مرارًا- فيجوز أن يكون للتنكير هنا السران معًا التعظيم وقصد النوعية؛ لأن الغشاوة العظيمة التي هي غطاء التعامي عن آيات الله نوع خاص من أنواع الأغشية وليست من الأغطية المعروفة، ومن التنكير لقصد النوعية قول الشاعر:
لكل داء دواء يُستطب به ... إلا الحماقة أعيت مَن يداويها
فتنكير المسند إليه دواء بقصد النوعية؛ إذ ليس المراد المطلق دواء، وإنما المراد نوع خاص منه وهو الملائم للداء، وقد ينكر المسند إليه ب قصد تعظيمه؛ أي: أن يقصد المتكلم التنبيه على أن المسند إليه بلغ في ارتفاع الشأن درجة عظيمة هي أجل من أن توصف مثل قوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} (البقرة: 179) أي: ولكم في هذا الجنس من الحكم الذي هو القصاص حياة عظيمة؛ لأن فيه منعًا لهم عما كانوا عليه في