ومن ذلك قول الشاعر مروان بن أبي حفصة:

بني مطر يوم اللقاء كأنهم ... أسود لها في غيل خفَّان أشبل

فبنو مطر قوم الشاعر أراد تشبيههم عند اللقاء بالأسود الكواسر في القوة والجرأة، والغيل: الشر المجتمع، والخفان: مأسدة قرب الكوفة، والأشبل: أولاد الأسود، والشاهد في قوله: بني مطر، حيث عرف المسند إليه بالإضافة لكونها مغنيةً عن تفصيل متعذر.

ومما يعرف المسند إليه لأجله بالإضافة إغناء الإضافة عن تفصيل مرجوح؛ وذلك إذا كان التفصيل والتعبير عن المسند إليه بالأسماء دون الإضافة ممكنًا ومتيسرًا، ولكنه يوقع المتكلم في محذور، ومن هنا كان تعريف المسند إليه بالإضافة أرجح من التفصيل والتعبير بالأسماء كقول الشاعر الحارث الجرمي:

قومي هم قتلوا أميم أخي ... فإذا رميت يصيبني سهمي

حيث عرف الشاعر المسند إليه بالإضافة فقال: قومي، وكان في وسعه أن يعبر عن قومه بأسمائهم بدلًا من الإضافة، ولكن التفصيل المتمثل في التعبير بالأسماء يؤدي إلى محذور، هو حقدهم عليه ونفورهم منه، وهو يريد تأليفهم لا تنفيرهم، وهم قومه وقرابته وعشيرتُه، ولذلك تشعرنا إضافة القوم للشاعر بما يعانيه من آلام وأحزان؛ فالقاتل والمقتول كلاهما منه؛ فماذا يفعل؟ إنه إن أراد الثأر فسيثأر من نفسه لنفسه، ولله در الشاعر القائل:

وظلم ذوي القربَى أشد مضاضةً ... على النفس من وقع الحسام المهند

وقد يقصد البليغ بالإضافة بحق المسند إليه اعتبارًا لطيفًا كما في قول الشاعر:

إذا كوكب الخَرقاء لاح بسُحرة ... سُهيل أذاعتْ غزلَها في الأقارب

والخرقاء الحمقاء وسهيل بدل من كوكب وهو نجم يطلع في بدء الشتاء وقتَ السحر، وقد أضافة الشاعر إلى المراة الحمقاء لأدنى ملابسة وأقل مناسبة، وهي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015