جميع الأفراد التي يتناولها اللفظ بحسب العرف وما جرت به العادة لا جميع الأفراد حقيقة ً.
هذا؛ وبالتأمل فيما سبق ندرك أمرين مهمين:
أولهما: أن حمل "أل " التي للعهد الذهني على الفرد المبهم والتي للاستغراق على جميع الأفراد مشروط بالقرينة الدالة على ما حملتَا عليه، أما بدون القرينة فكلتا اللامين محمولة على الحقيقة؛ لأن مدخولها موضوع للحقيقة؛ فإذن فالنظر إلى الفرد المبهم في لام العهد الذهني وإلى جميع الأفراد في لام الاستغراق إنما هو بالقرينة لا بالوضع.
ثانيهما: المعرف بلام العهد الذهني موضوع للحقيقة، وإنما يُحمل على الفرد المبهم عند قيام القرينة الدالة عليه، فهو إذن ذو شبهين من جهتين: يشبه النكرة من جهة المعنى ويشبه المعرفة من جهة اللفظ؛ أما شبهه بالنكرة فلأن مفاد كل منهما بعض غير معين، إلا أنه يدل على هذا البعض بالقرينة، والنكرة تدل عليه بالوضع؛ ولهذا يعامل معاملة النكرة من جهة المعنى فيوصف بالجملة على نحو ما توصف النكرة كما في قول الشاعر:
ولقد أمر على اللئيم يسبني ... ...............................
وأما شبهه بالمعرفة فلجريان أحكام المعارف عليه غالبًا فهو يقع مبتدأً، كما في قولك: الذئب في حديقتي، ويكون ذا حال كما في قولك: رأيت الذئب خارجًا من حديقتك يطارده كلب، ويأتي موصوفًا بالمعرفة كقولك: السوق ذات السلع الجيدة يقصدها الناس. إلى غير ذلك من أحكام.