أما لام العهد الذهني: فهي التي يكون مدخولها مرادًا به فرد مبهم من أفراد الحقيقة لقرينة دالة على ذلك؛ أي: أن الفرد المبهم مستفاد من قرينة خارجية لا من المعرف باللام؛ لأنه موضوع بالحقيقة، بخلاف النكرة فإنها تدل على الفرد المبهم ابتداء بذاتها.

ومن أمثلة هذه اللام كلمة الذئب في قوله تعالى على لسان يعقوب - عليه السلام-: {وَأَخَافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ} (يوسف: 13) فالقصد هنا إلى فرد مبهم من حقيقة الذئب، والقرينة على ذلك قوله: {أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ} فليس المراد الحقيقة نفسها؛ لأن الحقيقة من حيث هي أمر لا وجود له خارجًا حتى يتحقق منه أكل أو شرب، وإنما يتأتَّى ذلك من الأفراد، كما أنه ليس المراد حقيقة من حيث وجودها في جميع الأفراد؛ لاستحالة أن تجتمع الذئاب كلها على أكله، ولا الحقيقة من حيث وجودها في فرد بعينه، إذ لا عهد في الخارج بذئب معين، لتعين أن يكون المراد فردًا مبهمًا من أفراد الحقيقة.

ومن أمثلة هذه اللام كلمة الغراب في قول الشاعر:

فمَن طلب العلوم بغير كد ... سيدركها إذا شاب الغراب

فليس المراد الحقيقة نفسها؛ لاستحالة قيام الشيب بما لا وجود له في الخارج، ولا الحقيقة في ضمن جميع أفرادها لعدم الداعي إليه، ولا الحقيقة من حيث وجودها في فرد بعينه إذ لا عهد بغراب معين، فتعين أن يكون المقصود فردًا غير معين من أفراد الحقيقة بقرينة قوله: شَاب َ.

ومن هذا القبيل في غير المسند إليه قولك: أدخلُ السوق، فليس المراد حقيقة السوء لاستحالة الدخول فيما لا وجود له خارجًا، ولا سوقًا بعينها، إذ ليس بينك وبين مخاطبك سوق معينة، ولا جميع أفراد حقيقة السوق لاستحالة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015