ففي التعبير بالموصول تنبيه على خطئها في زعمها أن قلبه زهَدَ فيها، كما أن فيه إيماءً إلى أن الخبر من نوع المحبة والوفاء.
ومن أسباب تعريف المسند إليه بالموصولية: تشويق المخاطب إلى الخبر ليتمكن في ذهنه فضلَ تمكنٍ، وذلك حيث يكون مضمون الصلة أمرًا غريبًا؛ كما في قول أبي العلاء المعري:
والذي حارت البرية فيه ... حيوان مستحدَث من جماد
فقد عبر عن المسند إليه باسم الموصول بقصد تشويق المخاطب إلى الخبر؛ لما في مضمون الصلة من ذلك الأمر الغريب، وهو إيقاع البرية كلها في حَيرْة وارتباك؛ فإن مثل هذا الأمر الغريب مما يشوق النفس إلى أن تعرف ذلك الذي أوقع البرية كلها في هذه الحيرة، ومثل قول ك: الذي يصيد الأسود في مرابضها فلان، والذي يصيد الأفاعي في أوكارها فلان؛ وأشباه ذلك مما تضمن أمرًا غريبًا لا يقره الإلف والعادة.
ومن الأغراض البلاغية بتعريف المسند إليه والموصولية: أن يقصد المتكلم إخفاء الأمر المتحدث عنه عن غير المخاطب، مثل قول الشاعر:
وأخذت ما جاد الأمير به ... وقضيت حاجاتي كما أهوى
وقد يقصد إخفاء اسم المتحدث عنه؛ رغبةً في هدايته واستمالة له، نحو: الحق والهدى؛ كما في قول الله تعالى: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ} (البقرة: 204) قوله -عز وجل -: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ} (الحج: 8) وقوله -تبارك وتعالى-: {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّخِذَهَا هُزُوًا} (لقمان: 6).