ما أراد من أنه لم يفر جبنًا، وإنما فر بعد أن أبلى بلاءً حسنًا، حتى سالت دماؤه فغمرت فرسه.
ومن أسرار ودواعي التعريف بالعل م ية تعظيم المسند إليه أو إهانته كما في الألقاب والكنى الدالة على معنى محمود أو مذموم، مثال الأول أن تقول: أبو المعالي حضر وقدم علينا نصر الدين، ومثال الثاني أن تقول: أنف النا قة ذهب ونازعنا أبو جهل، فالتعريف في المثالين الأولين لتعظيم المسند إليه، والتعريف بالعل م ية كذلك في المثالين الأخيرين للإهانة والتحقير للمسند إليه.
وقد كان لقب أنف الناقة مكروهًا ولا يحب أهله الانتساب إليه حتى قال الشاعر:
قوم هم الأنواف والأذناب غيرهم ... ومَن يسوي بأنف الناقة الذنبا
فصاروا بذلك يفخرون بالانتساب إلى أنف الناقة، وكان الرجل من نمير يفخر بنسبته إليها، ويمد صوته عند النطق بهذه النسبة وغيره مفتخرًا بذلك، ولما قال الشاعر:
فغض الطرف إنك من نُمير ... فلا كعبًا بلغت ولا كلابًا
صار يكره وينفر من تلك النسبة، وكذا كان وقع الشعر في نفوس متلقيه ومستمعيه.
هذا؛ وكما يعرف المسند إليه بالعلمية لقصد تعظيمه أو تحقيره، يعرف كذلك بالعلمية لقصد تعظيم غيره أو تحقيره، مثل: أبو الفضل صديق ك، وأبو الجهل رفيق ك، فالتعظيم للأول للمخاطب والتحقير في الثاني للمخاطب كذلك وهو غير مسند إليه، ولكن انسحب عليه التعظيم أو التحقير لصلته بالمسند إليه، وكل قرين للمقارن ينسب.