بالمسند إليه نفسه وهو زيادة إيضاحه وتقريره؛ تأكيدًا لذات قومه وإبرازًا لهذه الذات في مواجهة الأعداء الذين توهموا في نظر عمرو بن كلثوم أن قومه قد أضعفتهم الحروب وأفنتهم المعارك، كما نفهم من قوله:
ألا يحسب الأعداء أنَّا ... تضعضعنا وأنا قد فنينا
ترانا بارزين وكل حي ... قد أخذوا مخافتنا قرينا
ومن هذا القبيل قول الخنساء في رثاء أخيها صخر:
وإن صخرًا لكافينا وسيدنا ... وإن صخرًا إذا نشت لنحار
وإنا صخر لتأتم الهداة به ... كأنه علَم في رأسه نار
حيث نجد المسند إليه وهو صخر قد ذكر وتكرر لزيادة إيضاحه وتقريره؛ تجاوبًا مع ما تحسه نحو أخيها من شدة التعلق به، والذي يجعل من ذكره اسمه وتكراره شيئًا حبيبًا إلى نفسها، ووسيلةً من وسائل السلوى وتخفيف الآلام، كما نجد لذكر المسند إليه هنا سرًّا آخرَ يتمثل في تقرير المعاني التي نسبتها إليه، وتأكيد الأخبار التي أخبرت بها عنه.
من دواعي ذكر المسند إليه أيضًا الاحتياط لضعف الاعتماد على القرينة، وذلك إذا كان هناك قرينة تدل على المسند إليه لو حذف، ولكن هذه القرينة خفية فيخشى المتكلم حينئذٍ إن هو اعتمد عليها أن يلتبس المراد على السامع، ولذلك يأخذ بالاحتياط فيذكر المسند إليه غير معول على القرينة الموجودة كما يقال مثلًا: مَن حضر؟ ومَن سافر؟ فيقال في الجواب: الذي حضر زيد والذي سافر عمرو، ولا يقال: زيد وعمرو؛ لأن السامع قد يجهل تعيين ذلك من السؤال.