وأن توليني عزًّا أتمكن بي منه، وأخضب سيوفي بدمائهم، وقد أسند الشاعر خضب السيوف بالدم إلى ضمير يعود على العز وهو إسناد مجازي؛ لأن العز لا يخضب السيوف بالدم، ولكنه سبب يحفز إلى المواجهة ويدفع إلى منازلة الأقران بمجموعة من الأبطال الذين يخضبون السيوف بالدم، البيت إذن مجاز عقلي علاقته ال سببية لإسناد الفعل إلى سببه المؤثر.
وقد يسند الفعل إلى السبب الغائب؛ أي غايته كقوله تعالى: {يَوْمَ يَقُومُ الْحِسَابُ} (إبراهيم: 41) وأصله: يوم يقوم الناس لأجل الحساب؛ فأسند الفعل: {يَقُومُ} إلى غايته: {الْحِسَابُ} على سبيل التجوز، وفي ذلك ما فيه من الإيجاز والمبالغة.
وهذه الأمثلة كلها من إسناد الفعل إلى سببه كما علمت، فهي إذن مجاز عقلي علاقته السببية.
يدخل في دائرة هذه العلاقة معظم الأمثلة التي تنضوي تحت لواء هذا الباب كما يتضح من تصفح ما تركه البلاغيون من آثار في المجاز العقلي وعلاقاته وشواهده الشعرية والنثرية، وهذا النوع من المجاز القائم على إسناد الفعل إلى سببه كثير الوقوع في القرآن الكريم، فمنه قوله تعالى في وصف الشجرة الطيبة: {تُؤْتِي أُكُلَهَا كُلَّ حِينٍ بِإِذْنِ رَبِّهَا} (إبراهيم: 25) وقوله سبحانه في شأن الآيات: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا} (الأنفال: 2) وقوله: {وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا} (الزلزلة: 2) وقوله عن الرياح: {حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا ثِقَالًا سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ} (الأعراف: 57).
وقد أثبت الفعل في جميع ذلك لما لا يثبت له فعل إذا رجعنا إلى المعقول على معنى السبب، وإلا فمعلوم أن النخلة ليست تحدث الآكل، ولا الآيات تولد