الحالة الخامسة:
أن يكون المعنى الكلّيُّ الذي دلَّ عليه المتكلّم الأديب بعبارة ما، ذا أقسام يَحْسُنُ في نفسه فنيّاً أن يبيّنها، ولها حكْمٌ واحد يريد أن يُبَيّنَ اجْتماعها فيه، وبين وحداتها أو أقسامها افتراق في أمْرٍ آخَرَ يَرَى فَنِّيّاً أن يبيّنَهُ أيضاً، فيعَبِّر عن كلّ هذه الأمور الثلاثة في كلامه.
وهذا ما يُطْلَق عليه في البديع: "الجمع مع التفريق والتقسيم".
المثال الأول: قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (هود/ 11 مصحف/ 52 نزول) بشأن اليوم الآخر:
{ذلك يَوْمٌ مَّجْمُوعٌ لَّهُ الناس وَذَلِكَ يَوْمٌ مَّشْهُودٌ * وَمَا نُؤَخِّرُهُ إِلاَّ لأَجَلٍ مَّعْدُودٍ * يَوْمَ يَأْتِ لاَ تَكَلَّمُ نَفْسٌ إِلاَّ بِإِذْنِهِ فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ..} [الآيات: 103 - 105] .
في هذا البيان جَمْعُ كُلِّ النَّفْسِ بأنّها لاَ تتكلَّم يوم القيامة إلاَّ بإذن الله.
ويتابع النص فيقول الله تعالى:
{فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ} .
في هذا البيان تفريق في الْحُكْم، ففريق شَقِيٌّ وفَريقٌ سعيد.
ويتابع النص فيقول اله تعالى:
{فَأَمَّا الذين شَقُواْ فَفِي النار لَهُمْ فِيهَا زَفِيرٌ وَشَهِيقٌ * خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السماوات والأرض إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِّمَا يُرِيدُ} [الآيات: 106 - 107] .
في هذا بيان وشرح حال القسم الأوّل، وهم أهل الشقاوة.
ويتابع النصّ فيقول الله تعالى:
{وَأَمَّا الذين سُعِدُواْ فَفِي الجنة خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السماوات والأرض إِلاَّ مَا شَآءَ رَبُّكَ عَطَآءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [الآية: 108] .
في هذا بيانُ وشرح حال القسم الثاني، وهم أهل السعادة.