وأنّ آية اللّيل آيةُ مَحْوٍ، أي: إزالةُ سبب رؤية ذوي الأبصار للأشياء، وهو الضوء، أمّا آية النهار فهي آيَةُ إبصار، أي: آيَةُ إيجادِ سبب رؤية ذوي الأبصار للأشياء (وهذه جهة افتراق) .

وفي هذا النصّ من البديع أيضاً "لَفٌ ونَشْر":

فاللّفُّ في ذكر اللَّيْلِ والنهار، والنشرُ في بيان الحكمة من النهار، وهي أن يبتغي الناس أرزاقهم وحاجاتهم من فضل الله، بقوله تعالى: {لِتَبْتَغُواْ مِنْ فَضْلِه} . وفي بيان الحكمة من التعاقُب بين اللَّيْل والنهار، وهي أن يَعْلَمَ الناس عدد السنين والحساب، عن طريق ما يجري فيهما من تغيّرات سببه حركة الأرض حول نفسها وحول الشمس، بإشارة قوله تعالى: {وَلِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السنين والحساب} .

المثال الثاني: قول "رشيد الدّين الوطواط".

فَوَجْهُكَ كَالنَّارِ فِي ضَوْئِها ... وقَلْبِيَ كالنَّارِ في حَرِّهَا

فَجَمع بين قلبه ووَجْهِ محبُوبه في أنَّهما يُشْبهان النار.

وفرّقَ بينهما في وجه الشَّبَه، فوجْهُ محبوبه يشبه النار في ضوئها، وقلب الشاعر يشبه النّار في حرّها.

المثال الثالث: قول البحتري من قصيدة يمدح بها "أبا صقر" ويتغزّل في أوّلها:

وَلَمَّا الْتَقَيْنَا "والنَّقَا" مَوْعِدٌ لَنَا ... تَعَجَّبَ رَائِي الدُّرِّ حُسْناً وَلاَ قِطُهْ

فَمِنِ لُؤْلُؤٍ تَجْلُوهُ عِنْدَ ابْتِسَامِهَا ... وَمِنْ لُؤْلُؤٍ عِنْدَ الْحَدِيثِ تُسَاقِطُهْ

تُسَاقِطه: تتابع إسقاطه.

فجمع بين كلامها وأسنانها في أنَّهما يُشْبهَانِ الدُّرَّ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015