معاصِيه، فيخافُ أنْ يُقْضَى عليه بأنْ يكون مع الْقَوْمِ الظالمِينَ المخلَّدينَ في النّار، أو من المعذّبين فيها وَلَوْ تَعْذِيباً مؤقَّتاً.
وتابع النَّصُّ الحديث عنْهُمْ فقال اللَّهُ عزّ وجلّ:
{ونادى أَصْحَابُ الأعراف رِجَالاً يَعْرِفُونَهُمْ بِسِيمَاهُمْ قَالُواْ مَآ أغنى عَنكُمْ جَمْعُكُمْ وَمَا كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ * أهاؤلاء الذين أَقْسَمْتُمْ لاَ يَنَالُهُمُ الله بِرَحْمَةٍ ... } [الآية: 49] .
هذا البيان يحكي حدثاً بصيغة الْفِعْلِ الماضي، وهو مُقْتَطَعٌ مِنَ الْمُسْتقْبَل، ومَقَدَّمٌ في المشهد البيانيّ.
أصْحَابُ الأعراف نَادَوا رجالاً من أصحاب النار الّذين هُمْ عَلَى شمال الحِجَاب، وهؤلاء الرّجال هُمْ من أئمة الكُفْر، ويَعْرِفونَهُمْ بعلاماتِهِمْ المميِّزَةِ لَهُمْ، فيقولون لهم مثيرين فيهم النّدمَ والتحسُّرَ: مَا أغْنَى عَنْكُمْ جَمْعُكُمُ الأموال والأنصار؟؟ ومَا أغْنَى عَنْكُمْ استكْبَارُكُمُ الذي كُنتُمْ تَسْتَكْبِرونه، وما كنْتُمْ تستكبرون به على عباد الله، وعن طاعة الله؟؟.
ويقولون لهم أيضاً مُشِيرين إلى بَعْضِ الضُّعَفَاءِ من أصحاب الجنة:
أهؤلاَءِ الّذِينَ أَقْسَمْتُمْ لاَ ينالُهُمُ اللَّهُ برَحمةٍ، وهُمُ الآن ينتظرون الإِذْنَ لَهُمْ بأن يَدْخُلوا الجنّة خالِدِين فيها.
عِنْدَ هذا الْمَفْصِلِ قَطَعَ البيانُ القرآنيُّ اللَّقَطَاتِ الْمُتَعَلِّقَاتِ بأصْحَاب الأعراف، وقدّم عبارة النداء لأصْحَاب الجنّة، بأنْ يدخُلوا الجنّة، فقال الله عزّ وجلّ:
{ادخلوا الجنة لاَ خَوْفٌ عَلَيْكُمْ وَلاَ أَنتُمْ تَحْزَنُونَ} [الآية: 49] .
لقد صدَر الأمْر التكريميّ بالإِذْنِ لَهُم بدخول الجنّة.
وطوى النصّ ما يتعلَّقُ بالأَمْرِ بِإدْخَالِ أهْلِ النار النارَ، وجَمْعِهِمْ رُكاماً، وكَبْكَبَتِهِمْ فِيها، اعْتِماداً عَلى أنَّه يُعْلَمُ ذَهْناً، ولَوْ لمْ يُذْكَرْ في النّصّ، وجاء البناء على الأمْرَيْنِ المذكُورِ والمطويِّ، فقال الله عزّ وجلّ: