{فَإِذَا رَكِبُواْ فِي الفلك دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ * لِيَكْفُرُواْ بِمَآ آتَيْنَاهُمْ وَلِيَتَمَتَّعُواْ فَسَوْفَ يَعلَمُونَ} [الآيات: 65 - 66] .
أي: فإذا رَكبوا في الْفُلْكِ مُسْتَقْبلاً، وتعرّضُوا لمثل ما سبَقَ ذِكْرُه في سورة (يونس) {دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين} كما دَعَا الّذين ذكرنا قصّتَهُمْ سابقاً.
{فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى البر إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ} فَأَضَاف النّصُّ بيانَ كُفْرِ الشّرْكِ بالله، الذي يناسبُ حال المخاطبين. ومن لوازم كُفْرِ الشّرك هذا أن يُفْضِيَ بهم إلى البغي في الأرض بغير الحقّ.
ودوافع الشرك الذي يختارونه، بعد إخلاص الدين عند الشدّة ترجع إلى أمْرَين:
الأمر الأول: الكفر بما أنعم الله به عليهم، حتّى لاَ يؤدّوا واجب الشكر لله عليها بالطاعات والقربات.
الأمر الثاني: الرغبة في أن يتمتَّعُوا بلذّاتِ الحياة الدنيا، دون أيَّة ضوابط أوْ قيود، ومن كان كذلك فلا بدّ أن يكون فاجراً، منطلقاً انطلاقاً كُلّيّاً وبوقاحة تامّة، لارتكاب كلّ المنكرات من الأخلاق والأفعال.
***
المثال السابع:
وجاء في سورة (الأعراف/ 7 مصحف/ 39 نزول) وَصفُ أَحْدَاثٍ من أحداث يَوْمِ الدّين، وتقديم صُوَرٍ من صُوَرِ ما يَجْري فيه، وعلى اللّوحَةِ البيانيَّة التّنَقُّلُ والتَّرَاوُحُ العجيبُ بين عالم الابتلاء وعالم الجزاء، ومن موقف الحساب إلى مستقرّ الجزاء، مع التعاقب واستخدام أسلوب المفاجأة، في حركاتٍ بيانيّة بالغةِ الإِثارة، جاذِبَة للانتباه، مُعْجِبةٍ لأذواق أذكياء البلغاء.
فبينما يقدّم النصّ لقطات من واقع حال الّذين كانوا في الدنيا قد آمَنُوا وعَمِلُوا الصالحات، وهم سُعَداءُ بالنعيم المقيم في الجنّة، بقول الله عزّ وجلّ: