{فَكَيْفَ كَانَ عَذَابِي وَنُذُرِ} [الآية: 30] ؟؟
وهذا التساؤل لا بُدَّ أن يَردَ في أذهان متلقيّ أحداث قصّة ثمود، ويأتي الجواب عليه بقوله تعالى:
{إِنَّآ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً وَاحِدَةً فَكَانُواْ كَهَشِيمِ المحتظر} [الآية: 31] .
أي: كأكوام حطبٍ وشَوك أعدها صانِعُ حظيرة لدوابّه.
***
المثال السادس:
وجاء في سورة (يونس/ 10 مصحف/ 51 نزول) قولُ الله عزّ وجلَّ:
{هُوَ الذي يُسَيِّرُكُمْ فِي البر والبحر حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَفَرِحُواْ بِهَا جَآءَتْهَا رِيحٌ عَاصِفٌ وَجَآءَهُمُ الموج مِن كُلِّ مَكَانٍ وظنوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُاْ الله مُخْلِصِينَ لَهُ الدين لَئِنْ أَنْجَيْتَنَا مِنْ هاذه لَنَكُونَنَّ مِنَ الشاكرين * فَلَمَّآ أَنجَاهُمْ إِذَا هُمْ يَبْغُونَ فِي الأرض بِغَيْرِ الحق ياأيها الناس إِنَّمَا بَغْيُكُمْ على أَنفُسِكُمْ مَّتَاعَ الحياة الدنيا ثُمَّ إِلَينَا مَرْجِعُكُمْ فَنُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ} [الآيات: 22 - 23] .
الْفُلك: يطلق على الواحد فما فوق، والمراد هُنا الجمع بدليل: {وَجَرَيْنَ} .
قال البلاغيّون: في هذا النصّ التفاتٌ من الخطاب إلى الغيبة، فبينما كان النصّ يخاطب المشركين بعبارة: {حتى إِذَا كُنتُمْ فِي الفلك} يتحوّل إلى الغيب بعبارة: {وَجَرَيْنَ بِهِم بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ ... } .
أقول: إنّ الخطاب كان موجّهاً للذين يمكُرُونَ في آيات الله، لتحويلها عن دلالاتها الإِيمانيّة، والمخاطبون عند نزول النصّ قد لا يكونون من الذين ركبوا الْبَحْرَ وتعَرَّضُوا لمثل ما وَصَفَ النصّ بعد ذلك، لكنَّهُمْ لو تعرّضوا لمثله لكان حالُهُمْ مثل حال من وصفهم الله، نظراً إلى أن أهْلَ الكُفْر أشْبَاهُ في تصرُّفاتِهِم، إذِ الفطرةُ تُلْجِئُهُمْ إلى الله عند الاضطرار وشدّة الخوف، ثمَّ إنَّ كبرهم ورغبتهم في