تَمْسَسْهُ نَارٌ نُّورٌ على نُورٍ يَهْدِي الله لِنُورِهِ مَن يَشَآءُ وَيَضْرِبُ الله الأمثال لِلنَّاسِ والله بِكُلِّ شَيْءٍ عَلَيِمٌ} [الآية: 35] .
ففي هذه الآية ضرب الله مثلاً لنور القرآن المعنوي بمصباح أرضي من صنع النّاس، ذي نور صافٍ من أيَّةِ شائبة، وهذا النّور يتلألأ كالكوكب الدرّي، والقرآن بالنسبة إلى سائر كلام الله كقطَرة من بحر، وكذلك نور المصباح بالنَّسبة إلى سائر ما خلق الله من نور في الكون الكبير.
ومن تجسيد المعاني والمشاعر والأحاسيس في أمثلة حِسّيَّة مادّيَّةٍ في الاستعارات التالية: إعصار الهوى. عبير الوجدان. بَرْد اليقين. نار الحب. رياح العاطفة الشجيّة. حلاوة الإِيمان ... إلى غير ذلك من تعبيرات.
***
ثالث عشر- احترام فكر المخاطب وتقديره بترك استخدام الأسلوب المباشر:
وقد يكون من عناصر الجمال الأدبي في الكلام احترامُ فكر المخاطب وتَقْدِيرُه بترك استخدام الأسلوب المباشر، اعتماداً على أنه لمّاحٌ تكفيه الإِشارة الخفيفة والخفيّة، أو بترك الإِطناب والشرح، واللّجوء إلى الإِيجاز والرمزية.
ويدخل في هذا الكنايات، ورموز الأقوال، والتلميحات، والمعاريض، ونحو ذلك.
ولا ريب أنّ من احترام فِكر المخاطب وتقديره الإِيجازَ له في الأشياء التي يمكن أن يفهمها بنفسه، إذا كان أهلاً لذلك، ويَحْسُنُ هذا الإِيجاز جدّاً إلى حدّ الرمز في مواقف خاصّة، منها أنّ يتطلب الموقف إعلام المخاطب وحده، مع إخفاء الأمر عن حاضري مجلسه.
ومن روائع التلويح إلى المعاني بالإِشارات التي لا تفهم إلاَّ بذكاء لمّاح،