أمَرَ فرعونُ وزِيرَهُ الأوّلَ هامان بأن يَبْنَي له صَرْحاً، معَ أنَّه لاَ يسْتطيعُ أن يبنيَهُ بنفسه، إنّما يُوجِّه أوامره للبنّائين ويتخذ الوسائل لذلك.

والملابسة هي السببيّة، والقرينة دليلٌ فكريُّ يستند إلى العادة.

(5) قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (إبراهيم/ 14 مصحف/ 72 نزول) :

{أَلَمْ تَرَ إِلَى الذين بَدَّلُواْ نِعْمَةَ الله كُفْراً وَأَحَلُّواْ قَوْمَهُمْ دَارَ البوار * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا وَبِئْسَ القرار} [الآيات: 28 - 29] .

دار البوار: دارُ الهلاك المتجدّد الّذي يَذُوقُ أهْلُها بِه العذاب كلّما بدَّل الله جلودَهُمُ الَّتي نضِجَتْ جُلُوداً غيرها، فالْبَوارُ في اللّغة الهلاك، وهو يَحْمِلُ معنى العذاب، وفُسِّرَتْ دارُ البوار بقوله تعالى: {جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا} .

وجاء في هذا النصّ أن الّذين بدَّلُوا نِعْمَةَ اللَّهِ كُفْراً أحَلُّوا قَوْمَهُمْ دَارَ البوار لأنّهم كانوا من العوامل التي جعلت قومهم يكفرون بربّهم، فيدخُلُون جهنّم.

فهذا مجاز عقليٌّ ملابسته التسبُّب عن طريق القيام بأعمال الإِغواء والإِغراء والمكر التي تغريهم وإن كانت استجابتهم تأتي من قبل إراداتهم الحرّة.

(6) قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (المزّمل/ 73 مصحف/ 3 نزول) :

{فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِن كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً} [الآية: 17] .

عبارة: {يَوْماً يَجْعَلُ الولدان شِيباً} هو كنايةٌ عن شِدَّة الْهَوْلِ الذي يكون يوم الدين، ولكنّ الشاهد هنا ليس في كون هذه العبارة كناية، إنّما الشاهد هنا في إسناد الفعل إلى اليوم، واليوم ليْسَ هو الذي يجعل الولدان شيباً، والملابسة هي "الظرفية" لأنّ ذلك اليوم هو الظرف الزّمانيّ للأهوال التي من شأنها لو وُجِدَ نظيرها في الدنيا أَنْ تَجْعَلَ الوِلْدَان شيباً.

(7) قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (الحاقة/ 69 مصحف/ 68 نزول) بشأن الذي يُؤْتَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ كِتَابَهُ بِيَمِينِه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015