(3) قول كُثَيِّر عزّة بشأن معشوقته:

رَمَتْنِي بِسَهْمٍ رِيشُهُ الكُحْلُ لَمْ يَضِرْ ... ظَواهِرَ جِلْدِي وهو لِلْقَلْبَ جَارْحُ

استعار كُثَيّر عزّة لنظرتها الجميلة النافذة إلى القلب كلمة "سَهْم" وبعد استعارته جاء بترشيخ وتجريد.

فجعل للسهم ريشاً، وهذا مما يلائم المستعار منه، وهو ترشيح، وأبان أنّ هذا الريش هو من الكُحْل وهذا مما يلائم المستعار له، وهو تجريد، وبعد ذلك أبان أن السّهم لم يَضِرْ ظواهر جلده بل جَرَحَ قلبه، وهذا مما يُلائم المستعار له، لأنّ النظر هو الذي يؤثر في القلوب، وهذا تجريد، إلاَّ أن كلمة جارح تلائم المستعار منه، وهو ترشيح.

وهكذا مزج في كلامه ترشيحاً وتجريداً، وهو في نظري بليغ جدّاً في ادّعاء اتّحاد المشبّه بالمشبّه به، ولا ينطبق على استعارته أنها بحكم المطلَقَة.

(4) قول ابن هانئ المغربي:

وَجَنَيْتُمُ ثَمَرَ الْوَقَائِعِ يَانِعاً ... بالنَّصْرِ مِنْ وَرَقِ الْحَدِيدِ الأَخْضَر

نلاحظ في هذا البيت أنّ ابن هانئٍ مَزَج ترشيحاً وتجريداً في مُقَارِنَاتِ استعارته.

فالثمر الذي استعارة لما جاء به النّصر رشّحه بعبارة "جَنَيْتُمْ" وبكلمة "يانِعاً" وبعبارة "مِنْ وَرَق" وجاء بتجريدٍ في عبارة "الْحَدِيد الأخضر" إذ هو حديد السلاح الذي قاتلوا به.

والقرينة الصارفة عن إرادة الثمر الذي يُجْنى من الشجر كلمتا "الوقائع" و"النَّصْر".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015