ويمكن أن نبدّل فيها كما فعلنا في الاستعارة المطلقة فتكون مكنيّة مجرّدة.

وإذا اجتمع في العبارة المشتملة على الاستعارة الترشيح والتجريد معاً، كانت الاستعارة بحكم الاستعارة المطلقة.

وأبلغ هذه الأقسام الاستعارة المرشحة، فالمطلقة وما كان بحكمها، وتأتي المجرّدة في المرتبة الأخيرة، لأنّ التجريد، يُدْنِي الاستعارة من التشبيه، فيُضْعِفُ ادّعاء الاتحاد، بخلاف الترشيح، والإِطلاق فالترشيح يقوّي ادّعاء الاتّحاد بين المشبّه والمشبّه به، والإِطلاق يبدأ به.

أمثلة للمرشحة وللمُجَرَّدة:

(1) قول بشّار بن بُرْد:

أتَتْنِي الشَّمْسُ زَائِرَةً ... وَلَمْ تَكُ تَبْرَحُ الْفَلكا

فجاء بالشطر الثاني ترشيحاً للاستعارة، إذ استعار لفظ الشَّمْسِ لزائرتِه من النساء، فهي استعارة تصريحيّة مرشحة.

(2) قول المتنبيّ يَمْدَحُ بني أوْس:

أَمَّا بَنُو أَوْس بْنِ مَعْنِ بْنِ الرِّضَا ... فَأعَزُّ مَنْ تُحْدَى إِلَيْهِ الأَنْيُقُ

كَبَّرْتُ حَوْل دِيَارِهِمْ لَمَّا بَدَتْ ... مِنْهَا الشَّمُوسُ ولَيْسَ فِيَها الْمَشْرِقُ

وعَجِبْتُ مِنْ أَرْضٍ سَحَابُ أكُفِّهِمْ ... مِنْ فَوْقِهَا وصُخُورُها لاَ تُورِقُ

استعار لرجال بني أوس كلمة "الشموس" وجاء بِما يُرَشِّح إرادة الشموس من الكواكب، بتعجبه الذي جعله يُكَبِّر إذ طلعت من منازلهم الواقعة في جهة المغرب، فالمشرق ليس فيها.

واستعار لجودهم السخيّ لفظ السّحاب، وجاء بما يرشّح المستعار منه، إذ تعجب من أن صُخور أرضهم لا تُورقُ، مع أنّ سحاب أكفّهم من فوقها تَهْمي مطراً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015