كلمة "الْبَحْر" إشارة إلى جوده، وكلمة "الأُسْدُ" إشارةً إلى شدّة شجاعته إذْ جعله كمجموعة أسود في شخصٍ واحد فقال:
فَلَمْ أَرَ قَبْلِي مَنْ مَشَى الْبَحْرُ نَحْوَهُ ... وَلاَ رَجُلاً قَامَتْ تُعَانِقُهُ الأُسْدُ
(4) قول "دِعْبِل الخُزَاعي" شاعر هجّاء، ولد بالكوفة وأقام ببغداد وتوفي عام "226هـ":
لاَ تَعْجَبِي يَا سَلْمُ مِنْ رَجُلٍ ... ضَحِكَ الْمَشِيبُ برَأْسِهِ فَبَكَى
يَا سَلْمُ: أي: يا سَلْمَى، مُسْتَثْنَى مُرخّم.
شبَّه "دِعْبِل" حَدَثَ ظهورِ الشيب في رأْسِه بِحَدَثِ ظُهُورِ الأَسْنَانِ الضّواحِكِ في الفمّ، ودلَّ على هذا الحدث بشيءٍ من خصائصه وهو حُدُوث الضَّحك. واستعمل فعل "ضَحِكَ" للدّلاَلة على مُراده على سبيل الاستعارة المكنيَّة.
(5) قول السَّرِيّ الرَّفاء يَصِفُ شِعْر نفسِه:
إِذَا مَا صَافَحَ الأْسْمَاعَ يَوْماً ... تَبَسَّمَتِ الضَّمائِرُ والْقُلُوبُ
شبّه سمَاعَ أبياتِ شِعْرِه بقادمٍ زائرٍ خفيف الظل محبوب يزور الأسماع، وحذف المشبّه به ورمز إليه بشيء من صفات قدومه زائراً، وهي المصافحة، وأطْلَقَ فِعْل "صَافَحَ" على طريقة الاستعارة المكنيّة.
وشبّه الضمائر والقلوب بذي فَم يَتَبَسَّم حين سروره بأمر ما لكنه حذف المشبّه به ورمز إليه ببعض صفاته وهو التبسُّم، واستعمل فعل "تَبَسَّمَ" للدّلالة به على سرور الضّمائر والقلوب حين تستقبل عن طريق الأسماع شِعْرَه، على طريقة الاستعارة التصريحيّة.
(6) قول البحتريّ يَصِفُ قصراً:
مَلأَتْ جَوَانِبُهُ الْفَضَاءَ وَعَانَقَتْ ... شُرُفَاتُهُ قِطَعَ السَّحَابِ الْمُمْطِرِ