ففي هذا النصّ هدف إلقاء الوهن في قُلوب الكافرين، ولو عظمت قوّاتُهم. وهدف رفع مستوى القوى المعنوية في قلوب المؤمنين، وشحذُ همّتهم لإعداد القوى المادية التي يسبقون بها الذين كفروا تمهيداً للتكليف بإعداد المستطاع من القوة الذي جاء في الآية التالية لهذا النص.

***

سابعاً - الشعر وفنونه:

ومن عناصر الجمال في الكلام أنْ يُرضي الحسّ الموسيقي في الإِنسان، ويدغدغه بإمتاع.

إنَّ للموسيقى وموازنيها تأثيراً مستعذباً في النُّفوس، فإذا جاء الكلام موزوناً على بعض موازنيها الحلوة المستعذبة اكتَسَبَ حلاوة مُحبَّبَة.

ثم إذا توافرت في الكلام مع ذلك عناصر متلائمة من عناصر الجمال والكمال الأدبي ازداد الكلام حُسناً وقوّة تأثير في النَّاس.

إنَّ الأشياء الجميلة التي تلامس مشاعر الإِنسان بمؤثراتها الحلوة من جانبين، هي أكثر تأثيراً فيه من التي تلامس مشاعره من جانب واحد. وكلّما ازدادت الجوانب ازدادت قوّة التأثير، حتّى تصل إلى محاصرة الإِنسان من كل مشاعره الجسديّة والنفسيّة والفكرية والوجدانيّة، فيفقد عندئذٍ كل مقاومته، ويستسلم استسلاماً تامّاً، مستغرقاً في لذّات المشاعر الحُلوة.

إنَّه إذا اجتمع المنظر الجميل، والصوت الحَسَن، والرائحة الزّكية، والطعم اللّذيد، والملمس الحُلو الممتع، والرّاحة النّفسيّة، وكان الحديث أدباً جميلاً رفيعاً، موضوعاً بقالب موسيقي شِعري، فقد حاصر الجمال معظم مشاعر الإِنسان، وأخذَ يهيْمن عليها بمؤثراته الحُلوة، حتى يَسْلُبَها كل مقاوماتها، فتستلم استسلاماً تامّاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015