فالمشبَّهُ وهو الحياة الدنيا فيه أشياءُ مُدْرَكَةٌ بالحسّ الظاهر، وأشياء فكرية، وأشياء نفسيّة وجدانية، وكلُّ هذِهِ الأمور ممتزجة في لوحة متحرّكة بحركة الزّمن، والمشبّه به لوحة صغرى من الحياة الدّنيا نفسها، وفي هذه اللّوحة عناصر: منها غيث السماء، نجم عنه في الأرض نبات بديع، تحرَّكتُ له نفوس الزّراع بالإِعجاب (وهذا أمر وجداني) ثم انتهت دور حياته فاصفر وتكسّر وانتهى.
***
ثالثاً - "كُلُّ من ركني التشبيه إمَّا أن يكون منتزعاً من الواقع أو في الخيال":
لاحظ البيانيون ما ينتج من أقسام عن احتمال كون التشبيه صورةً منتزعة من الواقع أو من الخيال، فظهر لهم ما يلي:
لدى تتبع التشبيهات يتبيّن لنا أن الصورة الواردة في التشبيه:
إمّا أن تكون صورة منتزعة من الواقع.
* وإمّا أن تكون صورة منتزعة من الخيال.
أمثلة:
(أ) من أمثلة الصورة التشبيهيّة المنتزعة من الواقع تشبيه الذي ينفق ماله رئاء الناس ولا يؤمن بالله واليوم الآخر، بزارعٍ يزرع بزوره في تراب رقيق مبسوط على صخرة صمّاءَ مَلْسَاء، إذا نزل عليها غيث السّماء سَفحَ التراب والبزور معه، وجرفها السَّيْل، فترك مزرعته حجراً صَلْداً أمْلَسَ لا شيء عليه، فهو لا يطمع بنبات، ولا ينتظر حصاداً.
فالصورة التمثيليّة في هذا التشبيه منتزعة ومقتبسةٌ من الواقع في الأحداث الكونيّة.
ومنها أيضاً تشبيه الذي يُنْفِق مالَهُ ابتغاء مرضاةِ اللَّهِ وتثبيتاً من نفسه لقاعدة