قبل أنْ يوجِّه له الدَّعوة المقصودة، وهي أنْ يتزكّى أي يتطهّر من الكفر والطغيان والظلم والعدوان.
فقال له كما جاء في سورة (النازعات/ 79 مصحف/ 81 نزل) :
{اذهب إلى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طغى * فَقُلْ هَل لَّكَ إلى أَن تزكى * وَأَهْدِيَكَ إلى رَبِّكَ فتخشى} [الآيات: 17 - 19] .
فأدب الدعوة لعظيمٍ بلغ به الأمر إلى ادّعاء الربوبيّة، قد اقتضى اتّخاذ الحكمة في دعوته، بتقديم مقدمات العرض الرفيق المهذّب جدّاً، دلَّ عليها في النص: {هَل لَّكَ إلى أَن}
لقد كان يفكي أنْ يقول له: أدعوك أنْ تزكّى. أو يكرّمه قليلاً بصيغة العرض الاستفهامي: هل تتزكَّى، أو يكرمه أكثر فيقول له: هل ترى أن تتزكّى، أو نحو ذلك.
لكنّ الله علّم موسى أنْ يفرش لفرعون مقدّمات تكريم أكثر تناسب مكانة فرعون في قومه، وقد جاء التعبير عن هذه المقدّمات الطويلة نسبيّاً بقوله: {هَل لَّكَ إلى أَن تزكى}
فأطال المقدّمات بحسب عادات القوم، واختصر المطلوب الأساسي، فقال {تزكى} بدل {تتزكّى}
(2) والمقارنة تكون بإلباس الفكرة المقصودة ثوباً من فكرة أخرى تقبَّلها المخاطب أكثر من تقبُّلِه الفكرة المقصودة عارية مجرّدة.
وتطبيق ذلك يكون باستخدام الأساليب غير المباشرة التي سبق شرحها بتفصيل.
(3) والتذييل يكون بعرض الأفكار المقصودة بالذّات أوّلاً، وإتباعها بما يُزّينها ويجعلها مقبولة.