(5) تقرير الكلام وتمكينه وتثبيته، مراعاة لمضمون الكلام الذي تتطلب طبيعته تقريراً وتمكيناً، أو مراعاة لحال من يوجّه له الكلام.
إلى غير ذلك من دواعي بلاغية، كالترغيب، والترهيب، والإِطماع.
وقد يترك التأكيد مع إنكار من يوجّه له الكلام لداعٍ بلاغيّ آخر أقوى، كأن يكون الكلام مقترناً بأدلّة قوية ظاهرة لو تأمّلها لرجع عن إنكاره.
أمثلة:
المثال الأول:
في سورة (يس/ 36 مصحف/ 41 نزول) ضرب الله مثلاً قصة أصحاب القرية التي جاءها المرسلون (ذكروا أنها أنطاكية) قال الله عزَّ وجلَّ:
{واضرب لَهُمْ مَّثَلاً أَصْحَابَ القرية إِذْ جَآءَهَا المرسلون * إِذْ أَرْسَلْنَآ إِلَيْهِمُ اثنين فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فقالوا إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ} [يس: 13 - 14] .
دَلَّ هذَا عَلَى أنَّ الْمُرْسَلَيْنِ الاثنْين قالاَ لأصْحَاب القرية: نَحْنُ رسُولاَنِ إليكم، فكذّبُوهما.
فأرْسَلَ اللَّهُ إلَيْهِمْ مُرْسَلاً ثَالِثاً، قال الله تعالى:
{فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فقالوا إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ}
هنا نلاحظ أنّ إنكارَهُمْ ناسَبَهُ أَنْ يُؤَكَّدَ لَهُمُ الكلام، فاقترنت عبارتهم: {إِنَّآ إِلَيْكُمْ مُّرْسَلُونَ} بمؤكِّدَين: الجملة الاسمية، وحرف "إنَّ" وقد نلاحظ في تقديم المعمول {إليكم} مع التخصيص أو الاهتمام معنى التأكيد.
فكان موقف أصحاب القرية ما أبانه الله بقوله:
{قَالُواْ مَآ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَآ أَنَزلَ الرحمان مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ} [يس: 15] .