فإذا قال: "أُريدُ شُرْبَ ماءٍ" باستعمال المصدر "شُرْب" بدل: "أن أشرب" المؤوّلان بمصدر، فقد جاء أيضاً بكلامٍ مطابق لمعناه دون زيادة ولا نقص وفق أصول الكلام العربي.
لكِنَّ العبارة الثانية أقْصَرُ بالنظر إلى أنَّها مؤلّفةٌ من ثلاث كلمات ملفوظة، أمّا الأولى فهي مؤلّفَةٌ من أربع كلماتٍ ملفوظة.
وربَّ كلمةٍ تدلُّ على معنيَيْنِ فأكثر، ويكون فيها غَناءٌ عن كلمِتَيْنِ فأكثر، واستعمالها يقلّل من طول الكلام المطابق المساوي لمعناه.
إنّ عبارة "مدينة" أو "قَرْية" مساوية في المعنى لعبارة "مباني سكنيّة مجتمعة" وقولُ القائل: "سكنتُ في قرية" أو "سكَنْتُ في مدينة" يساوي في المعنى قوله: "سكنت في مبانٍ سكنية مجتمعة" وكلٌّ من التعبيرين ينطبق عليه عنوان الكلام المساوي لمعناه الذي لا زيادة فيه ولا نقصان، مع أنّ أحدهما مؤلّف من ثلاث كلمات ملفوظة، والآخر مؤلّف من خمس كلمات ملفوظة.
وبناءً على هذا فباستطاعتنا أنْ نُفَصّلِ الكلام المساويَ لمعناه فنجعلَهُ ذا نِسَبٍ مختلفة في الطولِ والْقِصَر، كشأن القسمَيْنِ الآخرين من الكلام: "الإِيجاز والإِطناب" كما سيأتي به البيان إن شاء الله، ففي المساوي أقصر وقصير، وطويل وأطول أحياناً.
بعد هذا أقول: إنَّ كلاَّ من المساوي الأقصر والمساوي القصير والمساوي الطويل والمساوي الأطول له مواضع تلائمه، ويكون فيها هو الأبلغ بحسب مقتضيات الأحوال.
فكتّابُ المتون المكثفة يَلْجَؤُون إلى اختيار المساوي القصير أو الأقصر، وكذلك مختزلو المقالات الطوال لتقديمها لرؤسائهم الذين تضيق أوقاتهم عن قراءة الكلام الكثير.