ولذلك يُخْتَارُ لصياغة القوانين والقرارات والمعاهدات والبيانات المحدّدة والموادّ المحرّرة الممحصَّة أمْهَرُ كُتّاب القوانين وصائغي نصوصها، إذ يجب أنْ تكون موادُّها مطابقةً تماماً للمعاني التي يُرَاد الدلالةُ عليها بها، حتّى لا تُفَسَّر بما يَنْقُصُ عن المعاني التي حصل عليها الاتفاق، أو بما يزيد عليها، فلمفسّري موادّ القوانين والمعاهدات والعقود والقرارات ونحوها حِيَلٌ كثيرة يغيّرون بها مفاهيم نصوصها، متى وجَدُوا فيها ثغرات نقص أو زيادة تسْمَح بالتحايل والتلاعُب في التفسير.

وقلّما نجد في مجموع كلامٍ كثير كلاماً مساوياً للمعاني المرادة منه دون زيادة ولا نقص، ولا سيما في النصوص التي تُصَاغ بأساليب أدبية، فالأمثلة على الكلام المساوي في النصوص الأدبية أو المطَعَّمة بالأساليب الأدبية نادرة، قد نجدها في جُمَل، وفي كلامٍ قصير، وفي بيتٍ من الشعر، أو شَطْرٍ من بيت.

ولندرة المساواة في الكلام توهّم بعض الباحثين أنّه لا واسطة بين الإِيجاز والإِطناب، وجعل القسمة ثنائيّة لا ثلاثية وأدخل المساواة في الإِيجاز.

***

اختلاف مقادير الكلام في المساواة مع اتّحاد المعنى المراد

من الملاحظ في أساليب الكلام العربي ذي التعبيرات المختلفات عن المعنى الواحد، أنّه قد يُوجَدُ فيها تعبيران أو أكثر عن معنىً واحد، ينطبق عليهما أنهما مساويان للمعنى، مع أنّ عدد كلمات أحدهما أكثر من عدد كلمات الآخر، فَيُقَالُ لذي الكلمات الأكثر أطول، ولذي الكلمات الأقلّ أقصر.

إنّ قول القائل: "أريد أن أشرب ماءً" كلامٌ مطابقٌ لمعناه دون زيادة ولا نقص بحسب أصول الكلام العربي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015