(1) مقدمة
اهتم البلاغيّون بالبحث لاستخْراج الأسس الفكريّة العامّة للفصل والوصل بين الجمل التي لها محلَّ من الإِعراب، بعد أن نظروا نظرات عامّاتٍ إلى المفرد، وإلى الجملة التي لا محلّ لها من الإِعراب باعبارها بمنزلة المفرد، وتُؤَوَّلُ بمفرد، وتحكُمُهما الأسس الّتي سبَقَ بيانُها في الفصل الثاني من هذا الباب، أخذاً ممّا بَحَثَهُ النَّحْوِيُّونَ، وبحثَ بعضَهُ البلاغيون متناثراً.
(2) وقد أبان البلاغيّون أهميّة معرفةِ مواطن الفصل والوصل بين الجمل الّتي لا محلّ لها من الإِعراب، واعتبروا إدْراكَ ذلك من الأمور التي تحتاج بصيرةً نفَّاذةً قادرةً على إدْراك مدَى التلاقي والافتراق، والتقارب والتباعد بين المضامين الفكريّة للجمل التي يتلو بعضُها بعضاً في الكلام، وأنّ هذا ممّا يَصْعُبُ على الكثيرين إدْراكُه، فلا يستطيعون دواماً تَحْدِيدَ ما يجبُ أو يَحْسُن فَصْلُهُ، ومَا يجبُ أو يَحْسُن وصله، وَما يستوي فيه الأمران، فَلاَ يَرْتَقي ما يُنْشؤون من كلامةٍ مؤلف من جُمَلٍ كثيرةٍ في مراقي البلاغية الرفعية، وفي حُسْنِ وضْعِ كُلٍّ من الفصل والوصل في موضعه.