هُوَ الْبَحْرُ مِنْ أَيِّ النَّوَاحِي أَتَيْتَهُ ... فَلُجَّتُهُ الْمَعْرُوفُ والْجُودُ سَاحِلُهُ

(د) ولتحريك المشاعر الوجدانيّة والنّفسيّة الحلوة تأثير عظيم في ارتفاع المستوى الأدبيّ:

ولا ريب في أنّ النّاس تُعجبهم وترضيهم وتحلو لديهم المعاني التي تحرّك لديهم المشاعر الوجدانيّة والنّفسية الحلوة، والعواطف الوجدانية والنّفسيّة الحلوة، أو تذكّرهم بها.

مثل: مشاعر الحبّ، ولقاءات الأحبّة، وعواطف الحنان والشفقة، ومشاعر الشوق لدى العُشّاق، ومشاعر الإِيمان وأحاسيسه العميقة لدى المؤمنين، ومشاعر العبادة الحلوة لدى العبّاد الصالحين، ومشاعر الفخر والاعتزاز بالأمجاد، ومشاعر الإِحسان وفعل الخير، ومشاعر الأخوّة والصدق والوفاء، ومشاعر الأبوَّة والأمومة وسائر القرابات، ومشاعر العطف على الأيتام، ومشاعر التوبة والندم والرجعة إلى الله، ومشاعر الزهد في الدنيا والتطلُّع إلى النعيم المقيم في الآخرة، ومشاعر التضحية والبطولة والفداء، ومشاعر الإِيثار، ومشاعر البرّ والتّقوى، ومشاعر التحدِّي والصمود وآمال النصر على الطغاة والبغاة وعُبَّاد الشيطان.

وما أوفر المعاني التي تحرِّك هذه المشاعر الحلوة لدى الدّعاة إلى سبيل الله، وما عليهم إلاَّ أنْ يُحْسِنُوا الاستفادة منها.

ثمّ إنّ المشاعر النّفسيّة والوجدانيّة منها ما هو ساذج بسيط، ومنها ما هو مركَّب متفاصل، ومنها ما هو مركَّب متداخل معقّد.

ويرتقي مستوى الكلام الأدبي لدى عِلْية الأدباء، ولدى العامّة أيضاً، بقدر ارتقاء المشاعر التي يأتي التعبير عنها ولو بطريقة مباشرة.

ويصلح مثالاً لهذا سموُّ المشاعر في قول المتنبِّي لسيف الدولة:

إنْ كَان سَرَّكُمُو مَا قَالَ حَاسِدُنَا ... فَمَا لِجُرْح إِذَا أَرْضَاكُمُو ألَمُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015