المفسدون ولاكن لاَّ يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُواْ كَمَآ آمَنَ الناس قالوا أَنُؤْمِنُ كَمَآ آمَنَ السفهآء ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء ولاكن لاَّ يَعْلَمُونَ} [الآيات: 11 - 13] .
لقد جيء بضمير الفصل مرَّتين في هذا النص: {ألا إِنَّهُمْ هُمُ المفسدون - ألا إِنَّهُمْ هُمُ السفهآء} .
ونلاحظ أنّه مع تقوية الإِسناد وتوكيده في الجملتين فقد أفاد ضمير الفصل بمساعدة القرائن القصر، والمعنى: هُمُ المفسدونَ وهُمُ السَّفَهاء، لا المؤمنون الذين يتَّهِمُهُم المنافقون بإفسادِ وحْدَةِ جماعة قومهم بدينهم الجديد، وبالسّفاهة في عقولهم، أي: بِالطيشِ ونقصان العقل.
المثال الثاني:
قول الله عزّ وجلّ في سورة (المائدة/ 5 مصحف/ 112 نزول) في عرض سؤال الله عزّ وجلّ عيسى عليه السلام: {أَأَنتَ قُلتَ لِلنَّاسِ اتخذوني وَأُمِّيَ إلاهين مِن دُونِ الله} [المائدة: 116] وفي أجوبته عليه السلام قال لربّه:
{مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلاَّ مَآ أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعبدوا الله رَبِّي وَرَبَّكُمْ وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً مَّا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنتَ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [المائدة: 117] .
جاء في هذا النصّ ضمير الفصل في حكاية قول عيسَى عليه السلام:
{كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ} أي: كُنْتَ أَنْتَ الرَّقيب عليهم وحدك دوني، إذْ تَوَفَّيْتَنِي أَجَلِي بينهم، ورفعْتَنِي بعيداً عنهم، فليس لي رقابَةٌ عليهم.
المثال الثالث:
قول الله عزّ وجلّ في سورة (القصص/ 28 مصحف/ 49 نزول) :
{وَكَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَرْيَةٍ بَطِرَتْ مَعِيشَتَهَا فَتِلْكَ مَسَاكِنُهُمْ لَمْ تُسْكَن مِّن بَعْدِهِمْ إِلاَّ قَلِيلاً وَكُنَّا نَحْنُ الوارثين} [الآية: 58] .