خاتمة:

أكتفي بهذه الامثلة وأقول: مع كثر ما أودر البلاغيّون من شواهد الحذف في شعر شعراء العرب، فإنّه ينحصر في بعض أبواب الحذْفِ، وبَعْضِ دواعيه وأغراضه، لكنّ روائع الحذف في مختلف الأبواب إنّما نَجِدُهَا في نصوص القرآن المجيد، وهي جديرة بأن تُفْرَدَ بدارسةٍ خاصّةٍ، وتجمع في كتاب مستقبلّ.

ومن شاء مزيداً من الشواهد القرآنية على الحذف فليرجع إلى ما سَطَّرتُه في القاعدة (14) من كتابي "قواعد التدبّر الأَمْثَل لكتاب اللَّهِ عزّ وجلّ" وإلى كتاب "الإِشارة إلى الإِيجاز في أنواع المجاز" للعلاّمة الشيخ "العزّ بن عبد السلام = وهو عبد العزيز بن عبد السلام 577 - 660 هـ" لُقّب بسلطان العلماء، لموافقه الشجاعة ضدّ أعمال السلاطين المخالفة للدين.

***

ملاحظة:

لم أتعرّض لعدم ذكر ما يجهله المتكلّم من عناصر الجملة، كالفعل الذي يُبْنَى على ما لم يُسَمَّ فاعله لجهل المتكلّم بالفاعل، ولا لعدم ذكر ما ليس للمتكلّم غرض بذكره، إذْ لا يُوجَدُ ما يَدُلُّ عليه من قرينة الحال، أو قرينة المقال أو اللّوازم الفكرية، لأنّ الدواعي لعدم الذكر مطلقاً هي الدواعي الّتي تدعو القادر على البيان أن يَصْمُتَ ولا يتكلَم، وهذه الدواعي لا تدخُلُ في الفنون البلاغيّة فيما أرى، إذْ يستوي فيها البليغ وغير البليغ والقادر على الكلام والعاجز عنه.

وأرى أنّ ذكر البلايين لما يدخل في هذينِ البابَيْن ضمن دواعي الحذف فيه نظر.

***

طور بواسطة نورين ميديا © 2015