والداعي البلاغي الإِيجاز، وإمتاع الفكر بالاستنباط والإِدراك الذاتي السريع.
***
المثال الثالث عشر:
قول الشاعر للممدوحة:
قَدْ طَلَبْنَا فَلَمْ نَجِدُ لَكَ في السُّؤْ ... دَدِ والْمَجْدِ والْمَكَارِمِ مِثْلاً
أي: قد طَلَبْنَا مِثْلَكَ في السؤدد والمجد فلم نجد لك ... إلخ.
والداعي البلاغي الإِيجاز، وإمتاع الفكر بالإِدراك الذاتي السريع.
***
المثال الرابع عشر:
قول الله عزّ وجلّ في سورة (آل عمران/ 3 مصحف/ 89 نزول) :
{قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ التقتا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله وأخرى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ العين والله يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَن يَشَآءُ إِنَّ فِي ذلك لَعِبْرَةً لأُوْلِي الأبصار} [الآية: 13] .
أي: "قَدْ كَانَ لَكُمْ آيةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ" مؤمِنَةٌ {تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الله وأخرى كَافِرَةٌ} تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ الطَّاغوتِ {يَرَوْنَهُمْ مِّثْلَيْهِمْ رَأْيَ العين} .
فَحُذِف الوصف وهو لفظ "مؤمنة" في الأوائل لدلالة مقابله في الأواخر لفظ "كافرة" وحُذِفَ من الأواخر جملة "تقاتل" في سبيلِ الطاغوت" لدلالة مُقَابِله في الأوائل، وهي جملة "تُقَاتِلُ في سَبِيلِ اللهِ".
وَهذا الحذف من الأوائل لدلالة الأواخر، ومن الأواخر لدلالة الأوائل يُسمَّى "الاحْتِبَاكَ" إذا اجتمع الحذفان معاً، وله في القرآن نظائر، وهو من إبداعات القرآن وعناصر إعجازه.