(1) مقدمة
* كل ما يُرادُ الإِعلامُ به من عناصر الجملة في اللّسان العربيّ، فالأصل السّاذَجُ بالنِّسْبَةِ إليه أنْ يُذْكر ولاَ يُحْذَفَ، لأنَّ ذِكْره دليلٌ على إرادة الإِعْلامِ به، أمّا حَذْفُه فهو دليلٌ على عدم الإِعْلامِ به.
* هذا هو الأصلُ في الآليَّة المادّيّة لبناء الكلام الدّالِّ على المعاني الّتي يرادُ الإِعلامُ بها، إذا عَزَلْنا قُوى الإِدْراكِ اللَّمْحِيّ والإِشاريّ، وقُوى الاستدلالِ بقرائِن الأحوال وقرائن الأقوال، لدَى مُتَلقِّي الخطاب، ولا سيما أهلُ الفطانة والذّكاء وأهل الخبرة في حِيَلِ المعبِّرين عمّا في نفوسهم بأساليبِ وطرائق الكلام المختلفة، فهؤُلاءِ يكفيهم الرّمز وتُقْنِعُهم الإِشارة عن صريح العبارة.
وقديماً قال العرب في أمثالهم: "تُقْرَعُ العصا لذي الْحِلْمِ" أي: يُدْرك ذو العقل الراجح والفطانة اللَّماحة الْمُرَادَ من قرع العصا على الأرض، فيستخرج منها رُمُوزاً ودلالات يقصِدُها قارعُها، كما ورد في قصّة مَضْرِب هذا المثل.
ورَمزَ وفْدُ الرسول صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إلى بني قريظة في غزوة الخندق، بقولهم له: "عضَل والقارة" أي: غَدَرَ بَنُو قريظة كما غدرت من قبلُ "عَضَلٌ والقارة".
وحين دخل داهية العرب أَمِيرُ جيش المسلمين عمرو بن العاص، على