وما هو مستنكر مستهجَنٌ في أسماعها، وما هو مألوفٌ محبَّبٌ أو مقْبولٌ لديها، وهذه ظواهر فطرة الله للناس، كما قال الله عزّ وجل في سورة (الروم/30 المصحف/84 نزول) :
{وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السماوات والأرض واختلاف أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذلك لآيَاتٍ لِّلْعَالَمِينَ} [الآية: 22] .
***
أمّا دلالات الألفاظ على المعاني المرادة، فتتعرّض لأحوال:
(1) إمَّا أنْ تكون قاصرة الدلالة غير وافية بتأدية المعنى المراد.
(2) وإمَّا أن تكون وافية الدلالة بشرط وجود مُسَاعِدٍ لها من عبقريّة المتلقّي أو ذكائه المتفوّق، فإن لم يكن المتلقّي كذلك كانتِ الدلالة قاصرةً بالنسبة إليه.
(3) وإمَّا أنْ تكون وافية الدلالة لدى الإِنسان المتوسّط الذّكاء. فإن كان المتلقي دون ذلك كانت الدلالة قاصرةً بالنسبة إليه، وإنْ كان المتلقّي فوق ذلك رأى فيه زيادةً مُمِلَّة.
(4) وإمَّا أن تكون وافية الدلالة لدى الإِنسان الذي هو دون متوسّط الذكاء. فإنْ كان المتلقّي فوق ذلك كان الكلام بالنسبة إليه مُمِلاًّ مطوّلاً، ولا سيما بالنسبة إلى متفوّق الذكاء.
(5) وتتعرَّض أيضاً دلالاتُ الألفاظ على المعاني المرادة لأحْوالٍ أخرى، في الموضوعات التي يُراد توصيلُ مضامينها إلى المتلقي، أو إقناعه بها، إلى ما يقتضي البسط، أو التوسُّطَ بين الْبَسْطِ والإِيجاز، أو الإِيجاز.
أو يقضتي الابتعاد عن التوجيه المباشر، بدرجةٍ أو أكْثَرَ بِحَسَبِ ذكاء المخاطَبِ أو المتلَقِّي، فَيُبْلِغُ إليه المعاني الَّتِي يريدُ تعريفَهُ بها إبلاغاً حسناً.