قالوا: ولا بُدَّ لكون الكلام فصيحاً من أن يكون خالياً مِنْ أربعة عيوب، مع شرط فصاحة مفرداته، وهي:
العيبُ الأول: تنافر الكلمات عند اجتماعها، ولو كانت مفرداتها فصيحة.
العيبُ الثاني: ضعف التأليف.
العيبُ الثالث: التعقيد اللفظي.
العيبُ الرابع: التعقيد المعنويّ.
أوّلاً:
شرح العيب الأول: "تنافر الكلمات عند اجتماعها" وهو وصفٌ يعرض للكلام من جرّاء اجتماع كلماتٍ فيه تجعل النُّطْقَ بها ثقيلاً ممجوجاً حال اجتماعها، مع كون كلّ كلمةٍ ليّنةً سهلة النطق بها.
ويُحِسُّ بهذا الثَّقَل الممجوج أصحابُ الذوق السليم في نُطْق الكلام العربي، ومن علامات التنافر في الكلام أن يَصْعُب على معظم ألسنة الناطقين العربية النُّطقُ به.
الأمثلة:
(1) من الأمثلة الّتي ذكروا أنّ فيها هذا العيب بشدّة، ما أورده عَمْرو بن بحر الجاحظ من شعر بشأن قَبْر حَرْب بن أميّة بن عبد شمس:
وَقَبْرُ حَرْبٍ بِمَكَانٍ قَفْرُ ... وَلَيْسَ قُرْبَ قَبْرِ حَرْبٍ قَبْرُ
رُفع لفظ "قَفْر" مع أنه نعتٌ للفظ "مكانٍ" لضرورة الشعر، وخرّجوه على أنّه من قبيل الصفة المقطوعة عن موصوفها.
وقد جاء الثقل من تكرار الراء والباء في البيت.
(2) ومن الأمثلة الَّتي ذكروا أَنَّ فيها هذا العيب دون شدَّة، قولُ أبي تمّام: