"رُبَّ جَفْنَةٍ مُثْعَنْجِرَةٍ، وَطَعْنَةٍ مُسْحَنْفِرَةٍ، وَخُطْبَةٍ مُسْتَحْضَرَةٍ، وَقَصِيدَةٍ مُحَبَّرَةٍ، تَبْقَى غداً بِأَنْقِرَةٍ".
رُبَّ جَفْنَةٍ مُثْنْجِرَةٍ: أي: رَبِّ قَصْعَةِ طَعَامٍ مَلأَى.
وطَعْنَةٍ مُسْحَنْفِرَةٍ: أي: ورُبَّ طَعْنَةٍ بِرُمْحٍ في الْقِتَالِ واسِعَةٍ.
(4) رُوي أنَّ أُمَّ الهيْثَمِ الأَعْرَابِيَّةَ قَالت لأَِبي عُبَيْدَة الرَّاوِية، حِينَ عَادَهَا فِي علَّةٍ أصابَتْها:
"كُنْتُ وَحْمَى سَدِكَةً، وَشَهِدْتُ مَأْدُبَةً، فَأَكَلْتُ جُبْجُبَةً مِنْ صَفِيفِ هِلَّعَةٍ، فَاعْتَرَتْنِي زُلَّخَةٌ".
فَقِيلَ لَهَا: أيَّ شَيْءِ تُقُولِينَ؟
فقالَتْ: أَوَ لِلنَّاسِ كَلاَمَانِ، والله مَا كَلَّمْتُكُمْ إِلاَّ بالْعَرَبِيِّ الْفَصيح.
كُنْتُ وَحْمَى سَدِكةً: وَحِمَتِ الْحُبْلَى، إِذا اشْتَهَتْ شيئاً عَلَى حَبَلِهَا، فَهِي وَحْمَى. سَدِكَةً: أي: مُولَعَةً بِنَوْع طَعَامٍ لِوَحَمِهَا. وَشَهِدْتُ مَأْدُبَةً: المَأدُبَةُ: الطَّعَامُ الَّذِي يُصْنَعُ لِدَعْوَةِ. جُبْجُبَةً: الْجُبْجُبَةُ: الكَرِشُ يُجْعَلُ فيها اللّحم المقطَّعُ، ويُغْلَى ثُمَّ يُقَدَّدُ. من صَفِيفِ هِلَّعَة: الصّفِيفُ: رقائقُ اللَّحْم تُشْوَى. والْهِلَّعَةُ: الأنْثَى مِنْ أولاد المعز والغنم. فاعْتَرَتْنِي زُلَّخَةٌ: الزُّلْخَةُ: داءٌ يأخُذُ فِي الظَّهْرِ والجنب.
***
فصاحة الكلام
وأمَّا الكلامُ الفصيح: فهو عند علماء البلاغة ما كان سهْلَ اللفظ، واضح المعنى، جيّد السَّبكِ، متلائم الكلمات، فصيح المفردات، غير مُسْتكْرَهٍ ولا مَمْجوجٍ ولا مُتكَلَّف، ولا مخالفٍ لقواعد العرب في نحوها وصرفها، وغير خارج عن الوضْعِ العربي في مفرداته وتراكِيبِه، وليس في كلماته تنافر، وليس فيه تعقيدٌ لفظيٌّ، ولا تعقيدٌ معنويّ.