الصنف الأول: صنف الأوّابين، وقد عرضت السورة ثلاثةً منهم، وهم: "داود وسليمان وأيوب" عليهم السلام والأوَّاب هو سريع الرجوع إلى الاستقامة المطلوبة منه بعْدَ انحرافه عنها.
الصنف الثاني: صنْفُ المصْطَفَيْن الأخيار الذين لا يملأ ساحة تفكيرهم إلاَّ ذِكْرَى الدار الآخرة والعملُ لأعْلَى منازل الجنة فيها، وعرض الله في السورة ثلاثة منهم، وهم "إبراهيم، وإسْحَاقُ، ويعقوبُ" عليهم السلام.
الصنف الثالث: صنف الأخيار، ومرتَبَتُهُمْ وسْطَى بَيْنَ الأوّابين والمصْطَفَيْن الأخيار، وعرض الله في السورة ثلاثة منهم، وهم "إسماعيلُ، والْيَسَعُ، وذو الْكِفْلِ" عَلَيْهِمُ السلام.
وبعد أن انتهى الحديث عن مراتب الأنبياء ومن يُلْحَقُ بهم من المحسنين والأبرار، واقتضت الحكمة الكلامَ عنِ المتقين من غير الأنبياء فصَلَ اللَّهِ تعالى بقوله: {هاذا ذِكْرٌ} [الأنبياء: 24] وبعده قال تعالى:
{وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ * جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الأبواب * مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ * وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف أَتْرَابٌ * هاذا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الحساب * إِنَّ هاذا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ} [الآيات: 49 - 54] .
وبعد وصف حالة المتّقين في جنّاتِ عدن جاءَ دور الحديث عن الطاغين أهْلِ جَهَنُّم، ففصل الله عزَّ وجلَّ بقوله: {هذا} وبعده قال تعالى:
{ ... وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ * جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ المهاد * هاذا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ * وَآخَرُ مِن شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ * هاذا فَوْجٌ مُّقْتَحِمٌ مَّعَكُمْ لاَ مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُواْ النار * قَالُواْ بَلْ أَنتُمْ لاَ مَرْحَباً بِكُمْ أَنتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ القرار * قَالُواْ رَبَّنَا مَن قَدَّمَ لَنَا هاذا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النار * وَقَالُواْ مَا لَنَا لاَ نرى رِجَالاً كُنَّا نَعُدُّهُمْ مِّنَ الأشرار * أَتَّخَذْنَاهُمْ سِخْرِيّاً أَمْ زَاغَتْ عَنْهُمُ الأبصار} [الآيات: 55 - 63] .