هذا المعنى ألَمَّ به المتنبيّ فأخَذَهُ وصاغهُ بأسلوب أحْسَنَ سبْكاً وأجْودَ تعبيراً فقال:
وَجُرْمٍ جَرَّهُ سُفَهَاءُ قَوْمٍ ... وحَلَّ بِغَيْرِ جارِمِهِ العَذَابُ
ولعلَّه مع نظره إلى قول البحتري نظر أيضاً إلى قول موسى لربّه في رحلة الوعد الثاني وعْدِ الاعتذار كما جاء في سورة (الأعراف/ 7) .
{ ... قَالَ رَبِّ لَوْ شِئْتَ أَهْلَكْتَهُمْ مِّن قَبْلُ وَإِيَّايَ أَتُهْلِكُنَا بِمَا فَعَلَ السفهآء مِنَّآ ... } [الآية: 155] .
الوجه الثاني: أن يكون ما جاء به السالخ الملِمُّ مساوياً لما جاء به السابق في بلاغَته.
وهذا الوجه غير محمود ولا مذموم، ومنه كما ذكروا قولُ بعضهم يرثي ابْناً له:
الصَّبْرُ يُحْمَدُ فِي المَواطِنِ كُلِّهَا ... إلاَّ عَلَيْكَ فإِنَّهُ مَذْمُومُ
ألَمَّ به أبو تمَّام فقال:
وَقَدْ كَانَ يُدْعَى لاَبِسُ الصَّبْرِ حَازِماً ... فأَصْبَحَ يُدْعَى حَازِماً حِينَ يَجْزَعُ
ومن أمثلته قول بعض الأعراب:
وَرِيحُهَا أَطْيَبُ مِنْ طِيبهَا ... والطِّيبُ فيهِ المِسْكُ والعَنْبَرُ
ألَمَّ بِه بشّار بن بُرْدِ فأخَذَهُ وَقَصَّرَ عنه، فقال:
وَإِذَا أَدْنَيْتَ مِنْهَا بَصَلاً ... غَلَبَ المِسْكَ عَلَى رَيحِ البَصَلْ
***
وأمّا غير الظاهرة من أقسام السّرقات فهي الأنواع التالية: