أقسام السّرقات:
ونظر علماء البلاغة والأدب في مختلف السّرقات الأدبيّة فرأوا أنّها تنقسم إلى ثمانية أنواع، ثلاثة منها ظاهرة، وهي "النسخ أو الانتحال - المسخ أو الإِغارة - السَّلْخُ أو الإِلمام". وخمسة منها غير ظاهرة، وهي "التشابه - النقل - التعميم - القلب - الالتقاط والإِضافة" وفيما يلي شرح هذه الأنواع الثمانية:
أمّا الظاهرة من أقسام السّرقات فهي الأنواع التالية:
النوع الأول: "النسخ" ويقالُ له "الانتحال":
وهو أن يأخذ أحد الشاعرين أو الناثرين المعنى الذي سبق إليه الآخر ولفظه كلّه أو أكثره.
وهذا النوع يكون بثلاثة وجوه:
الوجه الأول: أن يأخذ المنتحل لفظ السابق ومعناه، ولا يخالفه في شيْءٍ ومن أمثلة هذا الوجه ما حُكي أنّ "عبد الله بن الزبير" الشاعر، دخل على معاوية فأنشده:
إِذَا أَنْتَ لَمْ تُنْصِفْ أَخَاكَ وَجَدْتَهُ ... على طَرَفِ الهِجْرَانِ إنْ كانَ يَعْقِلُ
ويَرْكَبُ حَدَّ السَّيْفِ مِنْ أَنْ تَضِيمَهُ ... إِذا لَمْ يَكُنْ عَنْ شَفْرَةِ السَّيْفِ مَزْمَلُ
فقال له معاوية: لَقَدْ شَعَرْتَ بَعْدِي يَا أبا بكر.
ولم يفارق "عبد الله بن الزبير" الشاعر مجلس معاوية حتَّى دخَلَ مَعْنُ بن أوس المزني، فأنْشَدَهُ قصيدته التي يقول في مطلعها:
لَعَمْرُكَ مَا أَدْرِي وإنِّي لأَوْجَلُ ... عَلَى أيِّنَا تَعْدو المَنِيَّةُ أَوَّلُ
حتى أتمّها، وفيها البيتان اللَّذان أنشدهما "عبد الله بن الزبير". فأقبل "معاوية" على "عبد الله" وقال له: ألم تُخْبِرْني أنَّهُما لكَ؟! فقال "عبد الله": المعنى لي، واللَّفْظُ له، وبَعْدُ فهو أخي من الرضاعة، وأنا أحقُّ بشِعْرِه.