{وَعِندَهُمْ قَاصِرَاتُ الطرف أَتْرَابٌ} [الآية: 52] .
أتراب: أي: على سِنٍّ واحدة، وهنَّ الحور العين.
جاء التعبير بعبارة {قَاصِرَاتُ الطرف} للكناية بها عن أنَّهُنَّ غفيفات، وقد عُدِلَ عن عبارة "عفيفات" إلى عبارة أُخْرى تؤدّي معناها لإِضافةِ معنىً آخر لا تؤدّيه العبارة المتروكة، وذلك لأنّ العبارة المختارة تدُلُّ على أنَّهُنَّ مع عِفَّتهنَّ لا تَطْمَحُ أَعْيُنُهُنَّ إلى غير أزواجِهِنَّ، ولا يَشْتَهين غَيْرَهُمْ.
وهذا المعنى لا تَدُلُّ عليه عبارة "عفيفات" فالعفَّةُ التطبيقيّة قد تكون مصحوبة بتطلُّعٍ وتَشَهٍّ.
* وذكروا من أمثلة الإِرداف قول الله عزَّ وجلَّ في سورة (النجم/ 53 مصحف/ 23 نزول) :
{وَلِلَّهِ مَا فِي السماوات وَمَا فِي الأرض لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ وَيِجْزِيَ الذين أَحْسَنُواْ بالحسنى} [الآية: 31] .
جاء في الجملة الأولى: {لِيَجْزِيَ الذين أَسَاءُواْ بِمَا عَمِلُواْ} فاختير فيها التعبير بعبارة: {بِمَا عَمِلُواْ} دون عبارة: بالسُّوأى. مع ما في هذه العبارة من مقابلةٍ عَكْسِيَّة لعبارة {بالحسن} في الجملة الثانية يتحقق بها الطباق، لتأدية معاني لا تؤدّى بعبارة: بالسوأى، أو بالسّيئة، ومن هذه المعاني: أنَّ الجزاء على السيئة يكون بمِثْلِها تماماً، وهذا المعنى تؤدّيه عبارة {بِمَا عَمِلُواْ} أداءً وافياً، أمّا عبارة: بالسُّوأَى، فهي غير صالحة، لأن لفظ السُّوأى مؤنَّثُ أسْوء، والله لا يجزي على السَّيئة بالأسُوَءِ منها. وأمّا عبارة: بالسيئة، فهي عبارة عامّة لا تَدُلُّ على المماثلة، إذ قد تكون سيئة الجزاء أكثر من سيّئة العمل، وهذا أمْرٌ غير مُراد. مع ما في عبارة: {بِمَا عَمِلُواْ} من البُعْدِ عن نسبة فعْلِ السيئة إلى الله ولو كانت على سبيل الجزاء.