{مَّن يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَّهُ نَصِيبٌ مِّنْهَا وَمَن يَشْفَعْ شَفَاعَةً سَيِّئَةً يَكُنْ لَّهُ كِفْلٌ مِّنْهَا وَكَانَ الله على كُلِّ شَيْءٍ مُّقِيتاً} [الآية: 85] .

ففي جانب الشفاعة الحَسَنة استعملت كلمة "نصيب" وفي جانب الشفاعة السيِّئة استعملت كلمة "كِفْل" مع أنَّ الكِفْلَ والنصيب مترادفان في اللّغة، ويستعملان في الخير والشرّ، والرحمة والعذاب، ولكنّ تباين النصيبين في الحقيقة اقتضى في أدب اللّفظ التَّغَايُر في الكلمات الدّالاّت على المراد ضمن النصّ الواحد.

فالتغيير هنا جاء بتغيير اللّفظ كلّها مادّة وصيغة.

(2) وقول الله تعالى في سورة (البقرة/2 مصحف/ 87 نزول) :

{لاَ يُكَلِّفُ الله نَفْساً إِلاَّ وُسْعَهَا لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكتسبت ... } [الآية: 286] .

فاختار النّص كلمة "كَسَبَتْ" لجانب العمل الصالح، واختار كلمة "اكْتَسَبَتْ" لجانب العمل السيِّىء، مع أنَّ كلاًّ من اللّفظين يستعمل في كلٍّ من المعنيين، ولكنْ لما اجتمع المعنيان في نصٍّ واحد مفرّقين في موضعين منه، دعا الجمال الأدبي أنْ يُوجَدَ تفريق في اللّفظين، ولو في الصيغة فقط مع اتحاد مادة الكلمة، يضاف إلى ذلك ما في كلمة (اكتَسب) من معنى التكلّف الذي يُنَاسِبُ حَمْل الوزر.

وفي آيات أخرى اجتمع المعنيان، ولكن غير مفرّقين في موضعين من النّص، أو انفرد كلٌّ منهما في النّص بنفسه، فاجاء التعبير تارة بكسب في العمل الصالح والعمل السيِّىء، أو في أحدهما، وتارة بـ"اكتسب" فيهما أيضاً أو في أحدهما.

والمتدبّر للقرآن عندئذٍ لا يلحظ في صيغة "اكتسبت" أكثر من زيادة معنى التكلّف، وأنّ العمل قد كان فيه عَطَاءٌ يَزِيدُ عل العطاء في العمل العادي.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015