هو في الليل من ظلام وسواد، وأن في السنة ما في النجم من إشراق وبياض، وصح لديها أن تشبه سنن وقد اندست بينها البدع بالنجوم يتخللها الظلام بجامع الهيئة الحاصلة من وجود أشياء مشرقة مضيئة في جوانب شيء مظلم أسود، من التشبيه التخييلي، أيضًا قول الشاعر:
ولقد ذكرتك والظلام كأنه ... يوم النوى وفؤاد من لم يعشق
فقد شبه الظلام بيوم النوى، وبفؤاد من لم يعشق بجانب السواد في كل، فالوجه موجود في المشبه على طريق التحقيق، وموجود في المشبهين بهما على طريق التخييل هي كلمة النوى يوم النوى، وفؤاد من لم يعشق، وذلك بناء على ما ذع واشتهر من قولهم أسود النهار في عينيه، أظلمت الدنيا أمامه، وقلبه أسود كالليل، ولذا صح التشبيه، واستقام على طريق التخييل، وجعل ما ليس بمتلون متلونًا، فما أكَّد الشاعر هذا التخييل بجعل السواد في كليهما أشد وأقوى منه في ظلام الليل بقلب التشبيه، وجعل الظلام الذي هو سواده محسوس محقق مشبهًا، ويوم النوى وفؤاد من لم يعشق اللذين سوادهما متخيل جعلهما مشبهين بهما.
من ذلك أيضًا قول الشاعر:
وأرض كأخلاق الكرام قطعتها ... ...........................
هنا شبه الأرض بأخلاق الكرام بجامع السعة والانبساط، فوجه الشبه موجود في المشبه على طريق التحقيق هو السعة موجود في الأرض على سبيل التحقيق، وموجود في المشبه به هي أخلاق الكرام على طريق التخييل؛ بناء على ما اشتهر من وصفهم الخلق الكريم بالسعة في قولهم: فلان رحب الأخلاق، واسع الصدر، فسيح الحلم، ثم بالغ الشاعر في تخيله فقلب التشبيه مدعيًا أن أخلاق الكرام أحق بوصف السعة والانبساط من الأرض، فهذا التشبيه مقلوب، لكن الصورة فيه متخيلة في جانب المشبه به، وهي أخلاق الكرام.