ويسوق السيوطي قول السكاكي: "اعلم أن شأن الإعجاز يدرك، ولا يمكن وصفه، كاستقامة الوزن تدرك ولا يمكن وصفها، وكالملاحة ولا طريق إلى تحصيله لغير ذوي الفطر السليمة، إلا التمرن، وعلى علمي المعاني والبيان"، كما يسوق قول ابن أبي الحديد: "اعلم أن معرفة الفصيح والأفصح، والرشيق والأرشق من الكلام أمر لا يدرك إلا بالذوق، ولا يمكن إقامة الدلالة عليه.
وليس كل من اشتغل بالنحو واللغة والفقه يكون من أهل الذوق، وممن يصلح لانتقاد الكلام، وإنما أهل الذوق هم الذين اشتغلوا بعلم البيان، وراضوا أنفسهم بالرسائل، والخطب، والكتابة، والشعر، وصارت لهم بذلك دربة، وملكة تامة، فإلى هؤلاء ينبغي أن يُرجع في معرفة الكلام، وفضل بعضه على بعض".
ويسوق السيوطي أيضًا قول الزمخشري: "من حق مفسر كتاب الله الباهر، وكلامه المعجز أن يتعاهد بقاء النظم في حسنه، والبلاغة على كمالها، وما وقع به التحدي سليمًا من القادح؛ حتى لا يطعن فيه طاعن، كما ساق قول غيره معرفة هذه الصناعة بأوضاعها، يقصد بها ملكة الذوق هي عمدة التفسير، المطلع على عجائب كلام الله تعالى، وهي قاعدة الفصاحة وواسطة عقد البلاغة".
ثم أفصح السيوطي -رحمه الله- تحت عنوان "ما يجب على المفسر أفصح عن قول العلماء: إنه يجب على المفسر أن يتحرى في التفسير مطابقة المفسر، وأن يتحرز في ذلك من نقص عما يحتاج إليه في إيضاح المعنى أو زيادة لا تليق بالغرض، وعليه بمراعاة المعنى الحقيقي والمجازي، ومراعاة التأليف والغرض الذي سيق له الكلام.
قال: "ويجب عليه البداءة بالعلوم اللفظية، وأول ما يجب البداءة به منها تحقيق الألفاظ المفردة يتكلم عليها من جهة اللغة، ثم التصريف، ثم الاشتقاق، ثم