جانس بين "الصفا" و"الصفائح". وأما الجناس المقلوب فضابطه: هو أن يختلف طرفاه في ترتيب حروفهما ويبقى محتفظًا بمقومات الجناس الأخرى التي هي اتفاق الحروف في النوع والضبط والعدد، وللجناس المقلوب قسمان هما: جناس قلب الكل، وجناس قلب البعض. فجناس قلب الكل ضابطه: أن تختلف حروفهما في الترتيب، بحيث يقع الحرف أولًا في طرف، وآخر في طرف آخر، وهكذا، وعلى ذلك جاء قول الشاعر:
حُسامك منه للأحباب فتح ... ورمحك منه للأعداء حتف
فالجناس بين "فتح" و"حتف"، وأنت ترى أن الفاء أول "فتح"، وآخر "حتف"، والحاء أول في "فتح"، وآخر في "فتح"، أما التاء فقد ظل محتفظًا بترتيبه في الطرفين. وقد تلاعب الشعراء بهذا النوع من الجناس، واتخذوه منهجًا للتظرف والاستملاح، وقصدوا إلى ذلك قصدًا، من ذلك ما حكاه الأستاذ علي الجندي في (فن الجناس) مما روي عن الصاحب بن عبَّاد حين زار الشيخ أبا العباس بن الحارث في يوم شديد الحر، وكان الصاحب يتبرد بمروحة من الخيش، فقال الصاحب للشيخ أبي العباس: "ما يقول الشيخ في قلبه". في العبارة تورية في قوله: "في قلبه"، إذ معناه القريب قلبه الذي في صدره، ومعناه البعيد قلب حروف شيخ؛ لأنها عند القلب تصبح خيشًا، فيكون السؤال عن رأي الشيخ في مروحة الخيش.
وضابط قلب البعض: أن يكون التقديم والتأخير في بعض الحروف دون البعض الآخر، ومنه قوله -صلى الله عليه وسلم: ((اللهم استر عوراتنا وآمن روعاتنا)) فبعض الحروف وهي العين والراء هي التي قُدمت في طرف، وأخرت في الآخر، وبقية حروف الطرفين ظل محتفظًا بالترتيب فيهما، ومنه قولهم: رحم الله امرأً أمسك ما بين