هن الحمام فإن كسرتَ عيافة ... من حائهن فإنهن حِمام

فالجناس بين "الحمام" بفتح الحاء و"حِمام" بكسرها، فالاختلاف هنا في هيئة الحركة فتح فكسر. ومثله قول الآخر:

كيف لا أبغض الصباحَ وفيه ... بان عني ذوو الوجوه الصباح

فالجناس بين "الصباح" بفتح الصاد المشددة، و"الصباح" بكسر الصاد المشددة، الأولى بمعنى وقت الصباح، والثانية بمعنى الوجوه المشرقة المضيئة، التي مفردها صبيح. "وبان عني" يعني: رحل وظعن، والاختلاف هنا في هيئة الحركة كذلك فتح فكسر. ومن الجناس المحرف قول المعري:

والحُسن يظهر في شيئين رونقه ... بيت من الشعر أو بيتٍ من الشعر

فالجناس بين "الشعر" بمعنى الكلام المنظوم، وبين "الشعر" والمراد به ما على الرأس، والأولى بسكون العين وكسر الشين المشددة، والثانية بفتح العين وفتح الشين المشددة. فالاختلاف هنا بين سكون وحركة وليس بين حركة وحركة، ومثله قولهم: "البدعة شَرك الشِّرك" بفتح الراء في الأولى وسكونها في الثانية، وبفتح الشين في الأولى وكسرها في الثانية، والمعنى مختلف كما تعلم، ومنه قول الشاعر:

أم سيحدثني فقلت لصاحبي ... أمحدث أم مُحْدث مَن فيه

فالجناس بين "محدِّث" بالتشديد بمعنى متكلم، و"مُحْدث" بتخفيف الدال المكسورة بمعنى أحدث. ومما ذُكِرَ في ذلك قول السكاكي: "الجاهل إما مفرط أو مفرِّط"، فالتشديد والتخفيف من قبيل اختلاف الضبط، ولا يفهم منه الزيادة والنقص في الحروف باعتبار أن الحرف المشدد حرفان والمخفف حرف واحد، فيكون الجناس ناقصًا -كما سيأتي- وليس محرفًا؛ لأن الحرف المشدد في حكم الحرف الواحد.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015