وكل هذه الشروط موجودة في بيت ابن الرومي السابق، فهو من الجناس التام. وعلى هذا فكل جناس اتحد طرفاه في الأمور الأربعة فهو جناس تام. وقد قسمه البديعيون إلى أربعة أنواع:
النوع الأول: التام المماثل؛ وهو ما اتفق طرفاه في الاسمية أو الفعلية أو الحرفية، بأن يكون اسمين أو فعلين أو حرفين. ومن أمثلة الجناس الاسمي قول بعضهم: زائر السلطان كزائر الليل في الزائر. ومنه قول الأفوه الأودي:
وأقطع الهَوْجَل مستأنسًا ... بهوجل عَيْرانة عنتريس
فالجناس هنا بين "هوجل" و"هوجل" الأول بمعنى الطريق البعيد، والثانية بمعنى الفرس. ومنه قول المتنبي:
لك يا منازل في القلوب منازل ... أقفرتِ أنت وهن منك أواهل
فقد خاطَب الشاعر منازلَ أحيائه الدارسة، قائلًا لها: إن في قلبه منزلةً وذكرَى لا تزول، وإن أقفرتْ تلك المنازل من ساكنيها وعفا عليها الدهر، والجناس بين "منازل" و"منازل". الأولى بمعنى مكان السكنى، والثانية بمعنى المكانة والذكرى. ومنه قول الشاعر يرثي صديقًا له اسمه اللواتي:
أعيني أين أدمعك اللواتي جريـ ... نـ دمًا غداة قضَى اللواتي
فالجناس هنا بين "اللواتي" و"اللواتي" الأولى بمعنى الدموع، والثانية اسم شخص. ومنه قول أبي تمام:
إذا الخيل جابت قسطل الحرب صدعوا ... صدور العوالي في صدور الكتائب
"جابت": قطعت واخترقت، و"قسطل الحرب" يعني: غباره، والمعنى: إذا دارت المعارك فإن الأبطال الممدوحين يحطمون أطراف الرماح في صدور الأعداء.