واستحسنت تجنيس القائل:
حتى نَجَا من خوفه وما نجا ... .........................
وقول المحْدث:
ناظراه فيما جنى ناظراه ... أو دعاني أمُتْ بما أودعاني
لأمر يرجع إلى اللفظ أم لأنك رأيت الفائدة ضعفت عن الأول وقويت في الثاني؟ ورأيتك لم يزدك بـ"مذهب" و"مُذهب" إلا أن أسمعك حروفًا مكررة تروم لها فائدةً فلا تجدها إلا مجهولة منكرة، ورأيت الآخرَ قد أعاد عليك اللفظةَ كأنه يخدعك عن الفائدة وقد أعطاها، ويوهمك كأنه لم يزدك وقد أحسن الزيادة ووفَّاها، فبهذه السريرة صار التجنيس -وخصوصًا المستوفَى منه المتفق في الصورة- من حُلي الشعر، ومذكورًا في أقسام البديع". انتهى من كلام الإمام عبد القاهر. ويجب في الجناس أن يكون سهلًا لا كلفة فيه، وإلا كان سمجًا -كما قلنا- قبيحًا، ومن الجناس القبيح لما فيه من التكلف قول عبد الله بن مالك القرطبي:
حييتُ إذا حييت حادي عيسهم ... فكان عيسى من حُداة العيسي
فحمله تكلف التجنيس على أن يجعل عيسى -عليه السلام- من حداة عيسهم.
والبلاغيون حين قسموا المحسنات البديعية إلى: محسنات معنوية، ومحسنات لفظية، وفرقوا بينهما بأن المحسن المعنوي: ما كان التحسين فيه راجعًا إلى المعنى أولًا وبالذات، واللفظي: ما كان التحسين فيه راجعًا إلى اللفظ أولًا وبالذات، وضعوا ضابطًا يفرقون به بين النوعين، فضابط المعنوي أنك إذا غيرتَ بعض الألفاظ الدالة عليه بمَا يرادفه لا يتخلف التحسين، وضابط اللفظي على عكس ذلك، فلو غيرتَ اللفظ بما يرادفه لذهب التحسين واختفى المحسِن. وبِناءً على هذا