فالمعنى البعيد المورى عنه لكل من السهم والسطر هو الموضعان المشهوران بمنتزهات دمشق، وقد ذُكرت النزهة بجلق قبلهما وهي من ملاءمات هذا المعنى، أما المعنى القريب المورى به فهو "سهم اللحظ" و"سطر عارض" وهما غير مرادين. ومن ذلك أيضًا قول الشاعر:

أَمَوْلانا ضياء الدين قل لي ... وعِشْ فبقاء مولانا بقائي

فلولا أنت ما أغنيت شيئًا ... وما يغني السراج بلا ضياء

ففي لفظي "السراج" و"ضياء" تورية مبينة إذ معناهما القريب المصباح الذي يُستخدم في الإضاءة، والضوء الذي يبدد الظلام، ومعناهما البعيد اسم الشاعر واسم الممدوح، وقد ذكر قبل اللفظين ما يلائم هذا المعنى البعيد وهو قوله: "مولانا ضياء الدين"، "لولا أنت ما أغنيت شيئًا". وقد يذكر لازم المورَّى عنه بعد لفظ التورية كما في قول الشاعر:

أرى ذَنَب السرحان في الأفق طالعا ... فهل ممكن أن الغزالة تطلع

فالبيت به توريتان مبينتان وهما في: "ذنب السرحان" وفي "الغزالة". إذ المعنى القريب لذنب السرحان ذنب الحيوان المعروف وهو الذئب، وللغزالة الظبي، والمعنى البعيد المورى عنه للأول ضوء النهار وقد ذكر بعده ما يلائمه، وهو قوله: "في الأفق طالعا" وللثاني الشمس، وقد قرن بملائمه: "تطلع" فالتورية في الموضعين مبينة، حيث ذكرا بعد كل ما يلائم المعنى البعيد المراد. وجاء ذلك أيضًا في قول ابن سَناء المُلك:

أما والله لولا خوف سُخطك ... لهان علي ما ألقي برهطك

ملكتَ الخافقَيْن فتهت عجبًا ... وليس هما سوى قلبي وقِرطك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015