من هنا يتضح أن العدد المفضل في المقابلة أقل من العدد المفضل عليه في البيت والآية معًا، وأنه قد يتقدم العدد المفضل الأقل ويتأخر العدد المفضول الأكثر، وقد يحدث العكس، والباب يتسع لهذا وذاك.
وهي إذن صورة جديدة يمكن أن تدخل باب المقابلة وتثريها، وهي اختلاف الأعداد في المقابلات فقد يقابل الأقل بالأكثر وقد يقابل الأكثر بالأقل، وهذا بابٌ يمكن أن يتسع لدراسة متأنية تكشف أسرار بلاغته بالوقوف على شواهده المختلفة.
وللحديث عن أثر المقابلة في بلاغة الكلام أقول:
إنه سبق وأن أشرت في الطباق إلى أن الجمع بين المتقابلين من الأمور المركوزة في الطباع، والتي لها تعلق ببلاغة الكلام، ولها أثر واضح في النفوس، وتتعلق بها أغراض المتكلمين، وما قلناه هناك يقال مثله في كل ما كان من المقابلة أو حُكِمَ عليه بأنه جيد، ونحن ما زلنا مع الجمع بين المتقابلين، وعلة الحسن في الطباق قائمة على الجمع بين الضدين وهي نفس العلة التي تقوم عليها المقابلة، وهذا القدر كافٍ في إثبات الحسن الذاتي للمقابلة، وكذلك غيرها من الأساليب التي تشتمل على هذا اللون، كما أن في المقابلة ما في الطباق جمعًا بين الشيء وضده، وهذا يضفي على الكلام بهاءً وحُسنًا، ويحمل لكل من المتقابلين حسنًا لا يكون له إذا جاء وحده.
ولعله من المناسب لإثبات ذلك فبعد وقوفنا على معنى المقابلة وصورها، أن نعرض لبعض النماذج التي جاءت فيها المقابلة رائعةً جيدةً، لكون المعاني