في قولهم: من لم يقدمه حزم أخَّره عجز، نجد كذلك أن حقيقة المعنى في الجملة الأولى متفقة مع حقيقة المعنى في الجملة الثانية، ولكن وجود اللفظين المتضادين في الأصل -يقدم ويؤخر- يجعل هذا اللون أيضًا ملحقًا بالطباق، وأيضًا في قول أبي تمام:

ولقد سلوت لو أن دارًا لم تلح ... وعلمتَ لو أن الهوى لم يجهل

لا ترى تضادًّا على الحقيقة بين حلم الشاعر وعدم جهل الهوى، ولكن وجود اللفظتين -علمت ويجهل- وهما متضادان على التوسع يجعل هذا اللون ملحقًا بالطباق، وفي قول أبي تمام:

ولقد سلوت لو أن دارًا لم تلح ... وعلمت لو أن الهوى لم يجهل

لا ترى تضادًّا على الحقيقة بين حلم الشاعر وعدم جهل الهوى، ولكن وجود اللفظين -علمت ويجهل- وهما متضادان على التوسع، يجعل هذا اللون ملحقًا بالطباق وإن لم يكن منه، وفي قول عبد الرحمن بن حسان:

ذُممت ولم تُحمد وأدركت حاجتي ... تولى سواكم شكرها واصطناعها

لا ترى تضادًّا بين ذُممت المثبتة ولم تحمد المنفية، والذي بين المعنيين هو الاتفاق لا التضاد، ولكن اجتماع ذُممت وتُحمد في البيت يجعل هذا النوع ملحقًا بالطباق، وربما كان هذا هو ما ألمح إليه حازم القرطاجني حينما قال: قد يوجد في الكلام ما صورته صورة الطباق وليس بمطابقة من جهة المعنى كقول قيس بن الخطيم:

وإني لأغنى الناس عن متكلَّفٍ ... يرى الناس ضُلالًا وليس بمهتدي

فضلالًا المثبت لا يتضاد في المعنى مع المهتدي المنفي، ولو اتحد إثباتًا أو نفيًا لتضاد المعنيان، ومن هنا قال: إن صورته صورة الطباق وليس بمطابقة، وهذا ما سوغ لنا إلحاقه بالطباق.

هذا إذا كان المعنيان المتضادان مختلفين، أما إذا اجتمع المعنيان المتضادان كان جميعًا منفيين فقد ذهب ابن أبي الإصبع إلى أن هذه الصورة من طباق السلب حيث يقول: طباق السلب هو أن يأتي المتكلم بجملتين أو كلمتين إحداهما موجبة والأخرى منفية، قد تكون الكلمتان منفيتين، ومثَّل لذلك بقول الفرزدق:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015